الرئيسية / مقالات / العلماء الربانيون ورثة الأنبياء والمرسلين / العلماء الربانيون ورثة الأنبياء والمرسلين 04: العلماء الربانيون واجتناب الشرك والبراءة من أهله

العلماء الربانيون ورثة الأنبياء والمرسلين 04: العلماء الربانيون واجتناب الشرك والبراءة من أهله

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد الأمين وآله الطيبين وصحبه الغر الميامين.

موضوع اليوم: العلماء الربانيون واجتناب الشرك والبراءة من أهله.

إن الشرك بالله محبط للعمل ومغضب للرب ومبعد للعبد ولا يقبل الله من المشرك صرفا ولا عدلا وإن كان من أعبد الخلق وأسخاهم وأشجعهم وأنفعهم وأعظمهم قدرا وأكبرهم درجة، فكل ذلك لا يساوي عند الله جناح بعوضة إذا كان مصاحبا بالشرك الأكبر أو الكفر الأعظم.

فالشرك قد يكون في الربوبية، وقد يكون في الألوهية.

فشرك الربوبية ويسمى الشرك الاعتقادي وهو أن يعتقد العبد في المخلوق ما لا يليق إلا بالخالق، فمن اعتقد في مخلوق أنه يخلق أو يرزق أو يحيي أو يميت فقد أشرك بالله في خصائص الربوبية التي لا تصلح إلا للرب الواحد الأحد.

وكذلك من اعتقد في المخلوق أنه يضر أو ينفع أو يعطي أو يمنع أو يرفع أو يضع فيما لا يقدر عليه إلا الله ولا يستطيعه إلا الجبار فهذا شرك في الربوبية.

وكل من اعتقد في غير الله أنه يتصرف في الكون التصرف الذي لا يوصف به إلا الباري جل وعلا كما يعتقد الروافض في أئمة أهل البيت أو غلاة الصوفية في الأولياء والعارفين حسب قولهم وأنهم يتصرفون في الكون ويدبرون الأمور ويضرون وينفعون ويعطون ويمنعون ويرفعون ويضعون وأنهم يقولون للشيء كن فيكون ، فهذا مما لا يقدر عليه مخلوق ولا يستطيعه عبد البتة ولو كان ملكا معظما عند الله أو نبيا أو رسولا مقربا إلى الحق فلا يملكون من أمر الربوبية شيئا ولا يقدرون على شيء ولا يستطيعون شيئا إلا بإذن الباري جل وعلا وتلك حقيقة العبودية التي يتصف بها كل مخلوق، أما ما كان من خصائص الربوبية فيستحيل أن يتصف بها غير الله جل وعلا لأن هذا ينافي التوحيد الحق.

فالعلماء الربانيون يجتنبون الشرك ويتبرؤون من أهله لأن هذا هو ميراث الأنبياء والرسل وبهذا أنزل الله الصحف والكتب، وعلى هذا أخذ الله العهد والميثاق على الخلق.

ومن الشرك بالله في الربوبية أن يعتقد العبد في المخلوق أنه يعلم الغيب المطلق الذي هو من خصائص الرب جل وعلا ولا يقدر عليه مخلوق ولا يستطيعه عبد على الإطلاق.

ومن الشرك بالله في الربوبية أن يعتقد الإنسان جواز التحاكم إلى غير الله فالحكم لله وحده لا يحل لغيره أبدا لأنه من خصائص الربوبية.

فالله جل وعلا هو الخالق وهو العليم بكل شيء والقدير على كل شيء فهو أحق بالحكم الشرعي على خلقه كما أنه المتفرد بالحكم الكوني والأقدار ولا يشاركه في ذلك أحد من خلقه.

فهذه بعض صور الشرك في الربوبية أي في الاعتقاد الذي يناقض توحيد الربوبية فمن وقع في شيء من ذلك فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه وأشرك الشرك الأكبر وكفر الكفر الأعظم، ومن علم ذلك وأيقنه ولم يتبرأ من الكفر والكافرين والشرك والمشركين فهو منهم بل لو شك في كفر الكافرين وشرك المشركين فهو كافر مشرك بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع.

فالحكم على الشرك الأكبر يكون بعد التحقق واليقين والحجة والبيان من حيث النوع، أما المعين فلا بد من توفر الشروط وانتفاء الموانع.

فالذين يتهمون علماء الملة وفقهاء السنة بأنهم يكفرون بغير حق ويحكمون بالشرك على عموم المسلمين ظلما وعدوانا حسب زعمهم فهؤلاء يكابرون في القطعيات ويجادلون في المحكمات ويخلطونها بالمتشابهات إمعانا في الضلال وإغراقا في الفتنة.

ففي هذا التمهيد بيان لمعنى الشرك في الربوبية فيما لا يقدر عليه إلا الله ولا يستطيعه إلا الباري مما هو من خصائص الربوبية فمن اعتقد في مخلوق هذه الخصائص فقد خرق قداسة الربوبية وخلط الحق المبين بالباطل المشين ونسب لغير الله ما لا يليق إلا بالله وهذا هو الشرك الصراح والكفر البواح ولا يجادل في هذا إلا أهل الشرك وأصحاب الكفر وأئمة الضلال ورؤساء الطغيان.

فالشرك في الربوبية هو الاعتقاد في المخلوق ما لا يصلح إلا لله وحده.

والشرك في الألوهية هو صرف العبادة التي لا تصلح إلا لله وحده لغير الله وكل هذا مناقضة لخصائص الربوبية ولحقائق الألوهية كما سيأتي مفصلا بفضل الله في معنى شرك الألوهية.

ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد الأمين وآله الطيبين وصحبه الغر الميامين ومن سلك مسلكهم ونهج منهجهم الى يوم الدين ونسأل الله أن يجعلنا منهم بجوده وكرمه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والحمد لله رب العالمين.