بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد الأمين وآله الطيبين وصحبه الغر الميامين.
موضوع اليوم: الشفاعة الشركية واعتقاد الوسطاء الشركيين بين الرب وبين عباده.
من مظاهر الشرك الأكبر الذي يبطله العلماء الربانيون ويتبرؤون من أهله هو اعتقاد الخلق أن بين الرب وبين خلقه وسطاء أي شفعاء الشفاعة الشركية وهي الاعتقاد في أن هؤلاء الوسطاء لهم حق على الله ولو ذكر أن الرب رب وأن العبد عبد وأن هؤلاء من عباد الله وليس لهم من الربوبية في شيء وأنه لا يجوز أن يصرف لهم شيء من العبودية التي هي من خصائص الرب.
فالاعتقاد في أن المخلوق له حق على الله هذا ينافي عبوديته لأنه أصبح لقوله وفعله حق يقدم الرب من أجله ويؤخر كما يحصل لملوك الدنيا حين يدخل عليهم أناس لهم حق عليهم، فمن أجل هؤلاء يغير الملوك أحكامهم، فلا يوجد لمخلوق البتة هذا الحق على الله ولو كان ملَكا مقربا أو نبيا مرسلا.
فالشفاعة الشركية هي الاعتقاد في أن هؤلاء الوسطاء لهم حق على الله، بحيث يُضرب لهم ألف حساب، فيلتجئ الخلق إليهم رجاء وساطتهم ورغبة في شفاعتهم الشركية الباطلة، وهذا يناقض التوحيد وينافي حقيقة الربوبية ويرفع من المخلوق إلى درجة الألوهية.
وكم يتبجح هؤلاء المشركون إلى أنهم موحدون وأنهم لا يعبدون مع الله غيره وإنما هذه مجرد شفاعة، ولا شك أن هناك بونا شاسعا بين الشفاعة الشركية والشفاعة البدعية والشفاعة الشرعية، فهؤلاء يعتقدون في هؤلاء المقبورين أن درجتهم عند الله عظيمة وأن جاههم كبير وأن لهم حقا عظيما على الله وهذا هو الشرك الذي كانت عليه العرب في الجاهلية قبل الإسلام.
فالعرب في الجاهلية كانوا يؤمنون بالله وأنه الرب الخالق الرازق المحيي المميت على هَنات لهم في ذلك، لكنهم كانوا يشركون شرك الشفاعة في الاعتقاد في المخلوق أن له حقا على الله عز وجل.
فكل من اعتقد في المخلوق خصائص الربوبية أو صرف له من العبادة ما لا يصلح إلا لله أو اعتقد في المخلوق الشفاعة الشركية وأنه واسطة بين الرب والخلق وأن له حقا على الله أو غلا في المخلوق الغلو الشركي فكل ذلك من الشرك الأكبر المخرج من الملة.
وإذا وقع العبد فيما دون ذلك وكان إيمانه قويا ويقينه عظيما في أن الرب رب وأن العبد عبد، والعبد لا يقدر على شيء ولا يستطيع شيئا ولا يملك شيئا ولا يخترق غيبا وإنما هو عبد ضعيف ذليل مقهور مغلوب وليس شيئا وليس على شيء إلا ما كان بإذن الله جل وعلا فقد نجا من الشرك ومن الكفر ومن الخلود في نار جهنم، وإن وقع في بدعة أو ضلالة أو فتنة أو كبيرة فيجب عليه أن يترك كل ذلك وإن لم يكن شركا أكبر حتى يحقق التوحيد الخالص الذي هو مفتاح الجنة وكلمة الإخلاص والتقوى وبطاقة النجاة يوم القيامة.
فلا يحكم أهل التوحيد على كل من أتى المقبور بالشرك ولا من توسل بالمقبور ولا من تبرك بالمقبور ولا من زار المقبور بالكفر حتى يعتقد أو يصرف أو يومن بشفاعته الشرعية أو يغلو فيه الغلو الشركي وكل ما سوى ذلك هو من البدع والضلالات والمحرمات والكبائر.
والشرك عبر تاريخ البشرية كان اعتقادا في الصالحين وأنهم شفعاء الشفاعة الشركية كما هو الحال عند قوم نوح عليه الصلاة والسلام، وجعلوا أصناما وأوثانا لترمز لهؤلاء الصالحين، وورث العرب في الجاهلية هذا النوع من الشرك.
والشرك في عبادة النجوم والأفلاك كما هو الأمر عند قوم إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقد بنوا هياكل وجعلوا أصناما للأفلاك والنجوم.
هذا هو أصل الشرك عند البشر منذ أقدم العصور وفي كل الأمم وعند جميع الحضارات، وكل أمة إلا ولها علاقة بهذين الأصلين الشركيين.
والشرك في اتخاذ الوسطاء من هؤلاء الأصنام والأوثان هو الأكثر عند الخلق.
فالاعتقاد في القبور والمشاهد والأضرحة والأصنام والأوثان أنها واسطة بين الرب والخلق وأن لها حقا على الله هو شرك أعظم وكفر أكبر.
والقول بأن هذا من تكفير المسلمين وأن هذه عقائد الوهابيين وأنها إرهاب وفتنة هذا من تلاعب المشركين ومن مراوغات القبوريين ومن فتنة عبدة المشاهد والأضرحة، وما يوجد عند الشيعة الروافض في كربلاء والنجف وغيرها من مظاهر الشرك وعبادة المخلوق ما لا يخفى على ذي لب وقد تأثر جهلة أهل السنة بالكثير من ذلك وما يوجد في ضريح عبد القادر الجيلاني رحمه الله وقد كان رجلا صالحا لكن العامة يعبدونه مع الله أو يعبدونه من دون الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فالمسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، والحسين بن علي وأهل بيته الكرام رضوان الله عليهم، والشيخ عبد القادر الجيلاني وأمثاله من الصالحين الأخيار رحمة الله عليهم، هؤلاء برآء من هؤلاء المشركين ولا علم لهم بما يفعل هؤلاء المشركون ولا يرضون بشرك هؤلاء المشركين.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد الأمين وآله الطيبين وصحبه الغر الميامين.