الرئيسية / مقالات / سلسلة العلمانية الصهيونية واليسار الدموي / العلمانية الصهيونية واليسار الدموي 05 : العالمانية

العلمانية الصهيونية واليسار الدموي 05 : العالمانية

العلمانية معناها الدهرية أي عدم الإيمان بالله ولا باليوم الآخر وإنما الاهتمام الكامل بهذا العالم الذي نعيش فيه فتسميتها الصحيحة العالمانية أي ليس ثمت إلا هذا العالم وليس لهذا الاسم أي علاقة من قريب أو بعيد بموضوع العلم، ولما وجدت هذه الدعوة نفسها أمام تمسك الناس بدينهم جعلت العالمانية عند العديد من المفكرين المنتمين إليها “العالمانية الجزئية” وهي فصل الدين عن الدولة فلا يجوز عندهم أن يكون للدين أي دور في الحياة العامة وقد نشأ هذا الفكر الكلي منه والجزئي في أوربا بعد حربها مع الكنيسة وأساطيرها وخرافاتها ورفضها للعلم ومساندتها للإقطاع والنبلاء ضد المحرومين والمستضعفين مما لا علاقة له بواقع أمتنا ولا حضارة شعوبنا.

فواقع أوربا في عصور الظلام كان بئيسا لكن حل العالمانية كان أشد ظلمة وأكثر فسادا، فمحاولة إسقاط هذا الواقع على العالم الإسلامي بدعوى أن الدين الكنائسي ودين الإسلام شيء واحد وأن الظروف التي عاشها المسلمون هي نفس ظروف أوربا هذا جهل وكذب وتزوير للحقائق وتشبيه لليل بالنهار والنور بالظلمة.

وأصبحت العالمانية مؤسسة واسعة تضم الفكر والثقافة والسياسة والفن ثم انضمت الكنيسة إلى المنظومة العالمانية لتشكل مفهوم حضارة الرجل الأبيض، فالكنيسة تسعى إلى تنصير الشعوب تنصيرا يساير المنظومة العالمانية وثقافة الرجل الأبيض التي حملها إلى الشعوب المستضعفة والأمم المستعمرة هي ثقافة إلحادية تمثل مدرسة فرويد أساسها النفسي “السيكولوجي” و دوركايم الاجتماعي “السوسيولوجي” و داروين في علوم الحياة والأرض وجان بول سارتر في الفلسفة الوجودية وظهر مشاهير علوم التربية روسو ومانتيسكيو وعمالقة الاقتصاد بشقيه الرأسمالي والشيوعي الذي قاده ماركس وإنجلز لتظهر مدرسة اليسار في أوربا ويتفق اليسار مع العالمانية في الإلحاد والدهرية والكفر بالله وباليوم الآخر لكن قد يكون العالماني ليبراليا غربيا يرفض الشيوعية رفضا باتا وقد يكون موافقا أو متقاربا حسب مصالح الفريقين.

وفي مجال المسرح والسينما وما يسمى بالفن كانت المنظومة العالمانية على نهج هذا المسار في حضارة الرجل الأبيض تمثل سقوطا سحيقا في مجال الأخلاق والآداب.

لقد جاء الرجل الأبيض للعالم الثالث مستكبرا مستعبدا للشعوب مستنزفا للثروات قاهرا للأمم يفرض سيطرته بالقوة زاعما أنه يحمل مشعل الحرية للشعوب، هذا الرجل الأبيض الذي عرف منذ التاريخ القديم بالتسلط والعدوانية وقهر الشعوب وتدمير الأمم جاء يحمل إلى هذا العالم الثالث المنظومة العالمانية التي تنزع عن الناس عقائدهم وتغرس فيها الإلحاد أو التنصير وفي المجال الثقافي نشر المناهج الاستشراقية التي تنتقد ثقافات الشعوب وتدمر هوياتها الثقافية وخصائصها الفكرية أما الفن وما أدراك ما الفن!!! فهو بكل صوره وأشكاله يهدم الأخلاق والمبادئ وأعراف الشعوب ويشيع الإباحية والتفسخ والانحلال والعري ويخلط الحابل بالنابل فلا قيم ولا أخلاق ولا حياة ولا مروءة لأن هذا ينافي العالمانية وأهدافها وغاياتها.الشعراء 137

إن العالمانية استعمار جديد دونما سلاح تقليدي وهيمنة معاصرة من غير حيش مسلح فهي مسخ للشعوب وطمس للهويات وإبادة للثقافات وابتلاع للخصائص.

فالرجل الأبيض متناقض في شخصيته فهو عقلاني خرافي يؤمن بالفلسفة بكل مقوماتها العقلية ويعتقد بخرافات الكنيسة وأساطيرها.

فكذلك حضارة الرجل الأبيض كلها متناقضة في جميع مجالاتها فكيف تقبل أمة الإسلام المتزنة في هويتها التي تجمع بين النقل الصحيح من غير خرافات ولا أساطير مع العقل الصريح من غير فلسفات يونانية ولا براهين معقدة، وأخلاق الإسلام توافق الفطر السليمة والقلوب الزكية فكيف نستبدل الذي هو أدنى “العالمنية” بالذي هو خير“القرآن الكريم كلام رب العالمين”.

ثم تطور الأمر إلى العولمة التي بدأت مشروعا إقتصاديا عالميا ثم آلت إلى منظومة كونية تخدم حضارة الرجل الأبيض فتأسست مؤسسات عالمية تمثل القيم الكونية بحماية مجلس الأمن والبنك الدولي ومواثيق الأمم المتحدة مفروضة بقوة الجيوش الغربية ومؤسساتها السياسية وإعلام المسيح الدجال وشركات السامري المتعددة الجنسيات وعصابات مسيلمة الكذاب ومهرجانات البغايا تقودهن سجاح التميمية.

إن القيم الكونية التي ينافح من أجلها العالمانيون هي في خدمة الرجل الأبيض يستعبد بها الشعوب ويفرض سيطرته بما يخدم مصالحه باسم الشرعية الدولية، وازدادت بذلك شعوب العالم فقرا وغرقت في أوحال الديون المذلة وأصبح القرار السياسي في كل بلدة أسيرا عند قوى الشر العالمية فضاعت الأمم وانصهرت الشعوب وذابت المقومات في خدمة حضارة العم سام الذي هو سموم قاتلة أتت على الأخضر واليابس لا تراعي في الخلق إلا ولا ذمة.

وسخرت العالمانية عملاء السفارات وبيادق الأنظمة الاستخباراتية والخونة ممن لا دين عندهم ولا خلق لأنهم لا يحملون رسالة ولا يؤدون أمانة يسعون جاهدين بعمل دؤوب في كل المجالات للحرب الضروس ضد قيم الشعوب وخصائص الأمم نصرة للاستكبار العالمي وخدمة للاستخراب البغيض مقابل جزاء زهيد وتحقيقا لمآرب ساقطة.

فليس غريبا عند العقلاء هذه الهجمة الشرسة المنظمة ضد الشريعة المنزلة والكتاب الكريم والسنة المطهرة والقيم النبيلة بدءا بالطعن في القرآن الكريم والإساءة إلى النبي الكريم بالصور الكاريكاتورية والأفلام المسيئة والتصريحات البذيئة وانتهاء بالحرب على الحجاب والتمسك بالسنة والمحافظة على المبادئ مرورا بمنع الأذان ومحاصرة المساجد وعلمنة الخطب وميوعة الوعاظ.

إن هذا المخطط واضح لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد وإن حماة هذه المنظومة من الخونة من المفسدين يسعون حثيثا للإفساد في البلاد وتضليل العباد فكل هذه المظاهر في العالم الإسلامي ليست أمورا عفوية ولا قضايا اعتباطية بل هي منظومة مدروسة تسهر عليها مؤسسات عالمية في مجالات عديدة ينفدها خونة عملاء يتفننون في إشاعة الفتن ويحملون معاول الهدم ويتقنون وسائل التخريب.

 إن العولمة اتخذت من حوار الأديان وتلاقح الحضارات والثقافات وحقوق الإنسان والاشتغال بموضوع المرأة والاهتمام بالأقليات واعتبار العالم قرية صغيرة مناخا لبث سمومها التي تمسخ الشعوب وتذل الأمم وتغير حقيقة الإنسان جاعلة من أصلها الأصيل وهو محاربة رب العالمين والكفر باليوم الآخر وأن الحياة الدنيا هي الجنة الحقيقية سبيلا إلى تحقيق أهدافها وغاياتها.

وسيأتي بإذن الله تفصيل لبعض هذه الأمور مع بيان اليسار ورسالته الدموية وأهدافه التخريبية حتى يعلم الناس حقيقة العالمانية الصهيونية واليسار الدموي في إشاعة الفساد وإهلاك العباد متظاهرين نفاقا بالإصلاح والسعي في التنمية النافعة وهم أحرص الخلق على الكفر والردة والعهر والخيانة والغدر وأكل أموال الخلق بالباطل
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

كتبه أبو عبد الرحمن عبد الحميد أبو النعيم غفر الله له ولوالديه وللمسلمين في 26 جمادى الأولى 1435 هجرية الموافق ل 28 مارس 2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *