الرئيسية / مقالات / سلسلة العلمانية الصهيونية واليسار الدموي / العلمانية الصهيونية واليسار الدموي 06 : كيف تريد العالمانية أن يكون الدين؟ وكيف تود أن تتعامل مع أهله؟

العلمانية الصهيونية واليسار الدموي 06 : كيف تريد العالمانية أن يكون الدين؟ وكيف تود أن تتعامل مع أهله؟

إن العالمانية تعتقد أن الدين خرافة وأن أهله يعيشون في العصور الحجرية وأن الدين حجر عثرة في وجه الحرية والتقدم والحضارة وأن الملتزمين بالدين يريدون إيقاف التاريخ وأنهم مشكلة عويصة في وجه الحداثة وحقوق الإنسان والعولمة الغربية.

إن الدين عندما يفرق بين الحلال والحرام ويدعو إلى الفضيلة ويريد أن يرقى بالإنسان إلى مراتب سنية تعتبره العالمانية مصادما لأهدافها في الحرية والإباحية والحقوق الإنسانية والقيم الكونية، مع العلم أن الدين أنزله الله رحمة للعالمين وأن أهل الدين يداومون على النصح للخلق ويحرصون على الخير ويريدون الصلاح للبلاد والاستقامة للعباد لا يبتغون وراء ذلك علوا في الأرض ولا فسادا ولا يبتغون من الخلق جزاء ولا شكورا.

فالعالمانية تستنكف من هذه الرسالة العظيمة وتعتبر هذا الأمر تضييقا على الحريات ووصاية على العباد وتدخلا في شؤون الناس مما جعل كل الفصائل العالمانية واليسارية تتفق على إزالة هؤلاء الأخيار وإبعادهم على القيام بأدوارهم الإصلاحية وأعمالهم النافعة في العاجل والآجل.

فالدين يجب أن يحاصر وأهل الدين يجب أن يضيق عليهم … هذه فلسفة العالمانية في كل البلاد.

فلما وجد العالمانيون أن الشعوب متشبثة بعقائدها متمسكة بدينها وملتزمة بقيمها حاول صنف منهم أن يغير من أسلوبه مرحليا محافظا على الغايات العالمانية الكبرى، فنشأت العالمانية الجزئية وهي التي لا تحارب الدين بشكل مباشر ولا تعادي أهله باندفاع واضح وإنما بحرب خفية ومكر ملتو فهي تدعو إلى فصل الدين عن الدولة وإبعاد الشريعة عن السياسة وأن التدين علاقة بين العبد وربه وأن الحياة الواقعية عالمانية مادية لا علاقة لها بغيب ولا بعث ولا حساب ولا نشور، وعلى المرء أن يعيش في الواقع كما يعيش الناس لا فرق بين حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي فلا نصح ولا تقويم ولا ولاء ولا براء وإلا أصبح المرء عدوا للإنسانية والقيم الكونية والحضارة الحديثة.

وجد العالمانيون أن أهل الحق يملكون الحجة والبرهان سواء في بيان بطلان العالمانية أو في الاحتجاج أن الدين حق وأن منهجه نور سواء في المسائل الدنيوية والأخروية.

فالشريعة قائمة على العدل والإسلام يعطي كل ذي حق حقه وأن قيمه متوازنة في بناء الإنسان الصالح في الوقت الذي يبدو بوضوح بطلان العالمانية وتهافتها وسقوطها حتى في منابعها الأصلية ومراكزها العتيدة فحاول العالمانيون لإخفاء هزيمتهم الفكرية أن يقاوموا الدين وأهله بكل التواء ساقط ودسائس منحطة.

فماذا عمل العالمانيون في هذه الدسائس الماكرة والمؤامرات الحاقدة في مواجهة الدين وأهله؟

لقد قام العالمانيون بحملات تشويهية وإشاعات فظيعة حول الإسلام والمسلمين بالكذب والإفك والتشويه والافتراء، فبدل أن يقارعوا الحجة بالحجة أو يقاوموا البرهان بالبرهان لكونهم عاجزين أمام شمس الحق الساطعة ونوره المبين الذي لا يخفى على ذي عينين لذلك لجأوا إلى أساليب بعيدة عن مناهج البحث وطرائق التحليل العلمي وظنوا أنهم بظلمات الإشاعات والأكاذيب سيحولون النهار المضيء إلى ليل مخيف وساعدهم على ذلك رؤوس الفتنة وإعلام المسيح الدجال وهيئات مسيلمة الكذاب ومؤسسات الدياثة وشبكات المافيا الدولية وعصابات الفساد العالمية وتعاهدوا جميعا على إفساد العباد وتدمير البلاد.

فغلاة العالمانية يهاجمون الدين هجوما عنيفا فيصفون الشريعة بالظلامية والحدود بالهمجية وصيانة المرأة بالإهانة واستقامة العباد بالرجعية والوقوف عند حدود الله بالنفاق الاجتماعي ويعتبرون علماء الدين ورجالاته ودعاته بالمتطرفين والأصوليين والإرهابيين وما إلى ذلك مما تفننت فيه القنوات الصهيونية والصحافة الأجيرة والمعاهد العميلة بالكذب والبهتان والافتراء والإفك المبين حتى غدا عندهم صناعة بارعة يستغلون كل المناهج الحديثة والطرائق المبتكرة لخدمة الباطل ومحاربة الحق.

وأما أصحاب العالمانية الجزئية فيعتبرون الدين مجرد طقوس شخصية وعبادات فردية المتمسك فيها بدينه متشدد عندهم ومتنطع.

بل الدين واسع والإيمان في القلب والتمسك وهابية والالتزام إرهاب وأن الملتزمين هم الذين أقحموا الدين في السياسة وأرادوا المتاجرة بالدين واستغلاله لتحقيق المآرب والأهداف وقد اتفقت كل الفصائل العالمانية على إبعاد الدين عن واقع الأمة وإشعال الحرب الضروس على أهل الاستقامة والدعاة إلى صراط الله المستقيم.

إن هذه المسرحيات المتتالية التي يصنعها الاستكبار العالمي بقيادة فرعون وهو أمريكا بمساعدة هامان وهم الساسة الأوربيون وبتمويل قارون وهو الشركات المتعددة الجنسيات بدجل السامري وهو الصهيونية العالمية وبتزييف المسيح الدجال الذي هو الإعلام فتآزرت قوى الشر مع جهات عديدة لنصرة الباطل ومحاربة الحق وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يرحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر” (أخرجه البخاري في صحيحه) لأن موسى عليه السلام أوذي بفرعون وهامان وقارون والسامري وهذا دأب أهل الحق إلى أن تقوم الساعة.

فهذه المسرحيات التي تسمى الإرهاب والتمثيليات التي توصف بالتطرف هي من الحملة المسعورة على الحق وأهله فهي مجرد تلاعب والتواء من العالمانيين لأنهم أجبن من مقارعة الحق ومقاومة الحجة لأنهم فارغون من الثقافة محرومون من العلم يتامى في الأخلاق عراة من القيم عالة على الفكر جمعوا بين الغثاثة وسوء المكيلة،  فليس هناك إرهاب إلا في دسائس العالمانيين ومكر اليساريين لتخويف الناس وإرهابهم، ثم بعد ذلك يطرحون نظرياتهم في التعامل مع الدين وفي التعايش مع الناس بعلمنة الدين وتشويه المتدينين فيفرض الأمر الواقع على الناس بالعيش في مجتمعات لا علاقة لها بالاستقامة ولا الالتزام ولا تحكيم الشريعة ولا الاستظلال بظلال القرآن ولا التنعم بجنان السنة النبوية فلهذا فهم يسعون جاهدين لإدخال الدين في البوتقة العالمانية فيصبح كل شيء حلالا وتغدو المساجد أبواقا لأهدافهم و إلا فهي أوكار إرهاب والمواعظ تخدم مآربهم وإلا عد أصحابها رؤوس ضلال أي يريدون علمنة الدين ومسخ الشريعة وتدجين العلماء وجعل المساجد كالكنائس.

هذه المكائد الخبيثة والدسائس المقيتة لا تنطلي على العقلاء ولا يفتن بها الأتقياء لأنها مكشوفة للعيان وهي أساليب استخباراتية عالمية ومناهج كنائسية وخطة للقضاء على الإسلام والمسلمين لتحقيق مآرب الرجل الأبيض والتمكين لحضارته وطمس قيم المجتمعات البشرية ومسخ مقوماتها.

ثم بعد هذا المكر الخبيث ماذا يريد العالمانيون؟

إن العالمانية بعد هذه الدسائس وبدون حياء ولا خجل تطرح الحوار والشفافية والتعايش … أي الحوار مع الدين العالماني والشفافية مع من فصلوا الدين عن الدولة والتعايش دونما ولاء وبراء أو حلال أو حرام أو أمر أو نهي حتى يصبح الماء والخمر والزوجة والخليلة والصدق والكذب والوفاء والغدر والأمانة والخيانة شيئا واحدا لأنه كذلك في القيم الكونية والحضارة الغربية والعولمة المعاصرة وكل ما سوى ذلك فهو ثقافة عتيقة وفكر قديم.الشعراء 137

من أجل هذا فنحن نرفض العالمانية لأنها وجه للاستعمار البغيض ونأبى الحوار لأنه التواء وتلاعب وعندما نقف في وجه التعايش لأنه مسخ للقيم وطمس للخصوصيات ونعلن بصراحة أمام الملأ أن هؤلاء خونة ودمويون ومفسدون في الأرض نقول ذلك بالحجة والبرهان إبراء للذمة وخدمة للأمة ونصحا للأجيال وتصحيحا للتاريخ حتى لا يعد الأقزام عمالقة وكي لا يعتبر الرويبضة أعلاما لأن الله جعل لكل شيء قدرا. يونس 57-58

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

كتبه أبو عبد الرحمن عبد الحميد أبو النعيم غفر الله له ولوالديه وللمسلمين في 04 جمادى الثانية 1435 هجرية الموافق ل 04 أبريل 2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *