الرئيسية / مقالات / سلسلة إيقاظ الضمير في شكاية ضمير / إيقاظ الضمير في شكاية ضمير 01

إيقاظ الضمير في شكاية ضمير 01

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد ثم استدعائي اليوم الأربعاء الرابع عشر من ذي القعدة 1435هـ الموافق 10 شتنبر 2014 بولاية الأمن بالدار البيضاء وكان السبب شكاية قدمتها حركة ضمير المغربية وقد كان استغرابي شديدا حول تهم ملفقة من اتهام بالقتل ومساندة لعصيد ووصف الدروس العلمية بالإرهاب وغير ذلك من الافتراءات والاكاذيب وما إلى ذلك مما لا يمت إلى الحقيقة بصلة ونترك المجال أن تقول المحكمة كلمتها مع العلم أنه ليس بيني وبين هؤلاء أي نقاش أو خلاف ولم أتعرض لهم من قريب ولا بعيد وإنما الخلاف الجوهري بيني وبين عصيد أنه شتم النبي صلى الله عليه وسلم شتما صريحا ووصف رسائله إلى عظماء عصره بأنها رسائل إرهابية وصرح بأن حديث النبي صلى الله عليه وسلم ” مَن مات ولم يَغزُ، ولم يحدِّث به نفسَه، مات علَى شُعبةٍ من نفاقٍ” (“صحيح مسلم” رقم 1910) فأساء الأدب ووصف الحديث بأنه إرهاب والأمم تعتز برجالاتها وقاداتها وخصوصا أثناء الحروب فيوصفون بالأبطال والزعماء والسادة لكن عصيدا يصف نبينا الأكرم ورسولنا الأعظم بأقبح الأوصاف في ما هو من المجد التليد والعز الأكيد.

وعصيد يقول إن القرآن ليس قطعيا والقرآن قطعيا بدلالة العقل والنقل والفطرة والاعتبار ويقول أن الإسلام متجاوز بالقيم الكونية وهي ظلمات بعضها فوق بعض باعتراف أكابر الباحثين وعظماء الاستراتجيين الغربييين ولكن لا حياة لمن تنادي، ويقول إن المطالبة بالشريعة تطرف ديني أو ما علم أن التمسك بالعولمة تبعية ومذلة ويزعم أننا لسنا بحاجة إلى تدريس المواد الدينية في المدارس الحديثة، ترى هل ندرس الناس الطعن في القرآن وشتم الأنبياء؟ ويعتبر صيام رمضان من خرافات الشعوب مع العلم أن صيام رمضان من المعلوم من الدين بالضرورة ومن أنكر معلوما من الدين بالضرورة كفر إجماعا عند المالكية وغيرهم، ويقول عصيد أن السلطان إدريس الثاني وهو من عظماء سلاطين المغرب أنه إبن زنى وهل بعد هذا الإفك والبهتان في تشويه تاريخنا والمس بعظمائنا مما هو من أهداف وبروتوكولات سفهاء صهيون؟ {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} ويترتب على هذا البهتان العظيم أن الشرفاء الأدارسة ليسوا من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هم من سلالة الخنا وأولاد الحرام وكفى هذا الكلام خزيا وعارا ولقد صدق النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: “إنَّ ممَّا أدرَك النَّاسُ من كلامِ النُّبوَّةِ: إذا لم تَسْتَحْيِ فاصنَعْ ما شِئْتَ” (“صحيح البخاري” رقم 3484)، ويذكر عصيد أن المغاربة منافقون وعقولهم متحجرة.

وهل هذه هي الوطنية ؟وهل هكذا ينظر المثقف إلى أهل بلده؟

فوا عجبا كيف يؤمن الخائن ويخون الأمين وتنطق الرويبضة ويتخذ من موضوع الأمازيغية وسيلة للعنصرية والتفرقة وغرس بذور الفتنة وأنا أمازيغي وأطالب كغيري من الأمازيغ بحقوقنا وحقوق غيرنا في ظل النظام العام والعمل المسؤول من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، وله ولأضرابه من الطامات الفكرية والكوارث العنصرية والسعي إلى القلاقل والفتن ما الله به عليم، فهو لم يدع دينا ولا أمجادا ولا تاريخا ولا حضارة إلا ولطخها بأبشع ألوان الأذى.

فهذا الخلاف بيني وبين عصيد في أمور تتعلق بالهوية والثقافة والخلفية الحضارية والقيم والخصائص والمقومات بالحجة والبرهان وانتهاج الطرق الشرعية والأساليب القانونية لبيان الحق وكشف الزيغ.

فأنا أدعو إلى قيم الشريعة التي توافق بيئتنا وتحقق أهدافنا وتجعلنا أحرارا لا مستعبدين وسادة لا أدلاء وهو ينافح على القيم الكونية النابعة من أهداف أعداء الأمة الذين يريدون إذلالنا واستعبادنا ومسخ هويتنا وطمس مقوماتنا من دهاقنة الاستخراب العالمي لتظل أممنا ذليلة مهانة وأن لا تكون لنا خصائص ولا مقومات وأن يمسخوا كياننا ويعبثوا بثرواتنا فهذا هو جوهر الخلاف بيني وبين عصيد، وصرح بالذي يعتقد نهارا جهارا فكان لزاما علي وقد رأيت الباطل يتلجلج أن أرد عليه وأمثاله ردا علميا بالحجة الباهرة والدليل القاطع باعتبارها مسائل علمية وقضايا ثقافية عبرت فيها عن موقف علماء الإسلام من أئمة المالكية وغيرهم وسلاحي فيها العلم والحجة والدليل والبرهان ولا أملك في هذه الحرب الدروس غير لساني أبين به وجه الصواب وقلمي أكتب فيه حكم الملك الوهاب فلما عجزوا على دحض الحجة بالحجة ورد البرهان بالبرهان لجؤوا إلى الاتهامات الكاذبة والأقوال العارية عن الأدلة.

ما بال هذه الحركة دخلت في هذا السجال؟

هل هي تحمل أفكار عصيد؟

هل هي تنافح عن شتم الرسول عليه الصلاة والسلام والطعن في القرآن الكريم؟

وهل هي تعتبر الأدارسة ليسوا من بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟

وهل رمضان من خرافات الشعوب؟

وهل الإسلام قد تجاوزته القيم الكونية المستوردة مما وراء البحار؟

وهل المغاربة منافقون وعقولهم متحجرة وهل الألف واللام للعهد أم للجنس فإن كانت للجنس فكل مغربي منافق منذ ألاف السنين وإن كانت للعهد فالمغاربة اليوم كلهم يوصفون بالتحجر والنفاق يدخل في ذلك من يدخل من الأمازيغ والعرب وغيرهم؟ وفي المغاربة اليوم وعبر التاريخ من الرجال والأبطال والسادة والعظماء من يفوقون صناديد العولمة في كل الدنيا.

وهل تتحمل الحركة هذه الطوام والكوارث التي يصرح بها عصيد ويتحدى بها أمة عظيمة وتاريخا مجيدا وحضارة عريقة؟ أم ستسلك الحركة أساليب المراوغات وطرائق الالتواءات والتشغيب الإعلامي لإبعاد الموضوع عن جوهره الحقيقي .

وختمت حركة ضمير شكايتها بأنها مؤسسة الحوار والنقاش وقبول الآخر فأنا أنادي بأعلى صوتي مطالبا عصيدا وحركة ضمير ومن سلك مسلكهم ونهج منهجهم بمناظرات علمية علنية على أن يكون الحوار علميا بكل معاني البحث الأكاديمي بعيدا عن ترهات السياسيين ملتزمين قواعد البحث العلمي الرصين ومواضيع البحث كالتالي:

 أولا – القرآن الكريم كلام رب العالمين وهو أعظم كتاب وأجل كتاب نريد منكم مقارنة بينه وبين أي كتاب بأي لغة كان هذا الكتاب وأنىَّ كان كاتبه أو مؤلفه وفي أي زمان كان لنبرهن لعصيد وحركة ضمير وكل من أراد أن يدخل في هذه المناظرة العلنية أن كتاب الله هو الحق المبين بالحجة والبيان وأن كل ما سواه لا يبلغ أن يكون قطرة في بحاره العظيمة.

ثانيا – إننا نقول إن محمدا صلى الله عليه وسلم هو أعظم إنسان وهو أنجح إنسان فنريد مقارنته مع أي إنسان ومن أي أمة وفي أي جيل لنبرهن بالحجة والبرهان والدلائل القطعية أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب هو أعظم إنسان فلا يبلغ غيره شأوه مهما تطاول أن يصل إلى علو الجبال الشامقة وهو أنجح إنسان فلا يوجد على الإطلاق من بني آدم من حقق عشر معشار ما بلغ إليه ولا يكادون ومن استراب فالعرب بالباب.

فإن كان عصيد وحركة ضمير ومن سلك مسلكهم يريدون حوارا علميا بعيدا على الالتواءات الكاذبة والاتهامات المغرضة ليلتزموا ما ذكروه في الشكاية على أنهم أهل حوار وإلا فالدعاوى ما لم تقيموا عليها بينات فأصحابها أدعياء.

أما فيما يتعلق بولاية الأمن بالبيضاء فقد أكدت لهم أنني رجل أشتغل بالعلم والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وبينت لهم أني شددت على هؤلاء لأن الله يقول {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} وقلت لهم أي ظلم وأي فتنة وأي فساد أكبر من الطعن في آيات الله البينات وفي نبي الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأكدت في أجوبتي أن سلاحي هو اللسان والقلم وهذه رسالة أهل العلم في إحقاق الحق وإزهاق الباطل وأن الفتنة محرمة وأن القتل لمن يستحقه من المرتدين يكون للقضاة والولاة أما العلماء فيغيرون المنكر باللسان والقلم ومكاتبة ولاة الأمور فهذه التهم من التهديد بالقتل وغيره من الكذب الصراح والظلم البواح وإخراج الخلاف عن جوهره الحقيقي تضليلا للناس وتلاعبا بالعقول كما هي طرائق العالمانيين واليساريين وصحافة الدجل وقنوات العبث.

وأكدت لهم أني سأستمر في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والإقناع والبرهنة مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان والقلم دونما تهييج أو بلبلة عقول أو إشاعة قلاقل في المجتمع لأن مثل الدعاة إلى الله كمثل النحلة لا تأكل إلا طيبا ولا تضع إلا طيبا ومثل رسالتهم كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء.

وقد استمع إلي رجال الأمن بأدب ووقار وتفهموا كلامي وانشرحت صدورهم للحجة من كتاب الله والدليل من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ووجدت منهم حسن معاملة ولمست أدبا رفيعا فجزاهم الله عن الإسلام خيرا وأحسست منهم تعظيما لكتاب الله ومحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف لا وهذه الأمة مليئة بالمحبة لله ورسوله ومعظمة لدينه تعرف لأمجادها فضلا ولتاريخها عزا وتأبى هذه الأمة أن تتلوت بنجاسات الفكر المستورد ولا وقاحات الإباحية المدَّمرة.

إنني أشكر هؤلاء الذين كُلِّفوا بأخد أقوالي في هذه الشكاية شكرا جزيلا لأن من لم يشكر الناس لم يشكر الله.

وقد طلب مني الكثير منهم الدعاء فأسأل الله أن يبارك لهم ويبارك فيهم وأن ييسر أمرهم وأن يعينهم على ما يرضي الله ورسوله وأن يوفقهم لخيري الدنيا والآخرة.

وفي الختام نسأل الله أن يحفظ بلدنا هذا من مؤامرات المفسدين وأن يقينا شرور المارقين وأن يرد كيد أعداء هذا البلد خائبين خاسرين إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والحمد لله رب العالمين.

كتبه أبو عبد الرحمان عبد الحميد ابو النعيم غفر الله له ولوالديه والمسلمين لأربع عشرة خلون من ذي القعدة لخمس وثلاثين وأربعمئة وألف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم الموافق 10 شتنبر 2014.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *