الرئيسية / مقالات / الجيل الفاتح

الجيل الفاتح

انطلاقا من قول الله تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ}النور 55

إلى الشباب المباركين وإلى أجيال النصر…
إلى قوافل النور وإلى طلائع الفتح…
إلى الرجال الأحرار وإلى الأبطال الغيورين…
إلى الذين يحبون الله ورسوله ويعظمون دينه وينصرون نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم…
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…

نسأل الله أن يحفظكم جميعا وأن يبارك فيكم وأن يملأ قلوبكم بالإيمان العميق ويُغَذّي عقولكم بالفهم الدقيق وأن يرزقنا وإياكم العافية في الدنيا والآخرة.

جوابا على سؤال الكثيرين من الإخوان الفضلاء والأحبة الكرام وهي قولهم “ما المطلوب منا في هذه اللحظات الحرجة التي تعيشها أمتنا الجريحة والتي تجاوز فيها المرتدون المدى وتطاول الإعلام الصهيوني على القيم والمقدسات؟؟“”

فنقول وبالله التوفيق وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

سنذكر على سبيل الاختصار بعض خصال الجيل الفاتح ليكون الإخوة على بينة من أمرهم.

الخصلة الأولى : الإستقامة

أول خصلة يجب أن تتحلى بها أجيال الفتح التي تريد أن تُخرج الأمة من هذه الأنفاق المظلمة التي عاث فيها المرتدون فسادا عظيما وهي خصلة الاستقامة، وذلك بأن نتمسك بديننا وأن نحافظ على هويتنا وأن ننشغل بكتاب ربنا آناء الليل وأطراف النهار وأن نلتزم بسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، هذا هو أكبر سلاح في هذه الحرب الحضارية ومعارك القيم مع أعداء الله وأعداء رسوله، فحب النبي محمد صلى الله عليه وسلم يجب أن يكون باتباع هديه ولزوم سمته وخدمة دينه والذب عن سيرته والإكثار من الصلاة عليه، فهذا هو عنوان المحبة وبذلك نُفَوِّتُ على الساقطين الذين يسيؤون إلى هذا المقام العالي بالله كل المؤامرات السخيفة والفتن الكئيبة.

فالمحافظة على الصلاة والاشتغال بكتاب الله عز وجل والوقوف عند حدود الله واجتناب الفواحش والمنكرات هذه هي مقومات الهُوِيَّة الإسلامية، فعلى شباب الخير ورجال الأمة وطلائع النور أن تكون أعمالهم أزكى من أقوالهم وسريرتهم أنقى من علانيتهم، وهذا هو التحصين الحقيقي للأمة من المسخ العلماني وذلك بالمحافظة على الخصائص المتميزة للمسلمين من الإبادة الحضارية، فأمة بلا هوية سراب.

أيها الأبطال المباركون إنه لن تكونوا فرسانا أحرارا بالنهار حتى تكونوا رهبانا أبرارا بالليل، إن سهام الليل أقوى سلاح تتسلح به هذه الأمة، إن الربانية هي أجمل صفة تعرف بها جحافل الحق وقوافل النور، إن أهل الليل هم الحماة الحقيقيون والرعاة الصادقون وصمام هذه الأمة والحصن الحصين للفرسان المباركين، وقد تميزت هذه الأمة عن كل الأمم بمحافظتها على هذا السر المصون وهو قيام الليل فاجتهدوا أيها الإخوة المحبون وتنافسوا على هذا الكنز الثمين يرفع الله درجاتكم إلى أعلى عليّين، وإن هؤلاء العتاة المجرمون والطغاة المفسدون لا يطفئ نيرانهم المتوهجة إلا مياه الساجدين وغيث القوامين فتغدوا سرابا في سراب وما ثم إلا رب الأرباب الملك الوهاب.

الخصلة الثانية : تعلم العلم الشرعي

أيها الاخوة الأبرار إن تعلم العلم الشرعي ودراسة القرآن الكريم مع حفظه ومدارسته وتدبره والاشتغال بالسنة النبوية، فالعلم الشرعي الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم هو جمال هذه الأمة وبه فاقت الأمم وسادت الشعوب وكانت الأمة الوسط أي الشهداء على الناس، وبالعلم الشرعي أقامت هذه الأمة الحجة على الخلائق.

فعلى الشباب الأخيار وعلى الرجال المباركين وعلى كل شرائح هذا المجتمع أن يتعاونوا على نشر العلم وخدمته وبثه في صدور الرجال مع العمل به الذي هو الاستقامة فتكتمل شخصية المسلم ويحافظ على هويته ويحقق أهدافه ويذيب العلمانية وأضرابها كما يذوب الملح.

ونصيحة أخوية من أعماق قلب محب عليكم بمصاحبة الكتاب آناء الليل وأطراف النهار وكثرة المطالعة والبحث والدراسة فنعم الأنيس الكتاب، فإذا لم يكن لك وقت محدد في كل يوم للمطالعة فقد ضاع نصيب كبير من عمرك، أما إذا كنت من أهل الإدمان على المطالعة في شتى الفنون والمتابعة لآخر مكتوب والمشاورة لما بين السطور فستكون ممن يسر الله له نفعا عظيما وخيرا كثيرا وإياكم ثم إياكم أن تنسوا هذه النصيحة الأخوية ولتكن المطالعة وفق مناهج محددة وبمراحل منضبطة وليكن البدء بالأيسر، ثم إن مرحلة الانشغال بالمطالعة تكون بعد مراحل الحفظ والتلمذة على الشيوخ وارتسام معالم المنهج بعد ذلك يتفرغ الباحث للمطالعة فيتنور عقله ويتعمق فهمه وتنحل الإشكالات وتندحر الشبهات فيكون المرء المسلم على بصيرة من أمره وبينة من فعله، وهذا النور الذي اكتسبه في الدنيا هو سبب أنواره يوم القيامة كما قال تعالى:الحديد 12 1

الخصلة الثالثة : أن يعيش المسلم عصره

وذلك بأن يتسلح المسلم بسلاح عصره كما في قوله تعالى:إبراهيم 5

وهذا لا يعني أن يذوب المرء في واقع عصره وأحوال زمانه كما يفهمها بعض المفتونين بحضارة الغرب فيظنون أن معنى أن يعيش المسلم عصره هو أن يقلد الكفار والفساق والظلمة في أمورهم ويتأسى بهم في فعالهم، بل إن هذا ينافي المحافظة على الخصائص والحرص على الهوية، وإنما يتسلح المسلم المستقيم الذي يحب الله ورسوله ويخدم دينه ويتمسك بالعلم النافع والعمل الصالح والسمت النبوي والهدي الرباني هذا المثال الصالح يتعلم العلوم العصرية واللغات الأجنبية والأجهزة المتطورة ليُحق بها الحق ويُزهق الباطل ويُعَلِّم الأجيال ويُفَقِّه الجهال ويُرشد الحَيارى ويُقنع المفتونين ويُقيم الحجة على الخلق وأن يَقمع أهل العناد بالدليل والبرهان.

إن دراسة السياسة الشرعية تكون لمعرفة الحق لالتزامه والعمل به، وإن دراسة السياسة الوضعية تكون لهدم الباطل بالحجة ونسف الفتنة بالدليل، إن اهتمام الشباب والأخيار بعد الاستقامة والعلم الشرعي بالدراسات الحديثة يؤدي إلى اكتمال شخصية المسلم علما نافعا وعملا صالحا ووعيا دقيقا ويقظة كاملة، فإن واقع الأمة المتلاطم والعواصف الرهيبة تقتضي من المسلم أن يكون ذا ثقافة معاصرة ووعي حي بأحوال الأمة وظروفها العصيبة والمؤامرات الرهيبة التي تحاك للأمة، كلامي في هذا البحث عن الجانب النظري والتكوين الشخصي والبحث الأكاديمي والمتابعة العلمية، أما باب الممارسة العملية والتنظيمات والعمل المؤسساتي وما واجب المسلم نحو هذه التعقيدات الأخطبوطية فهذا موضوع آخر سيأتي الكلام عليه في مناسباته من زاوية سلفية وبطريقة حديثية وفق ما عليه الأئمة العلماء والجهابذة الفقهاء لأننا تبع لأهل العلم لا نتطاول على أئمة الفتوى وقد جعل الله لكل شيء قدرا.

الخصلة الرابعة : الإسلام قضية

فعلى أهل الاستقامة والعلم الشرعي ومعرفة لسان العصر أن يهتموا اهتماما بليغا بأمر الإسلام والمسلمين بمعنى أن يكون للإنسان قضية هي شغله الشاغل وهمه الكامل، لأن الإنسان الذي يعيش بغير قضية تتلاطم به الأمواج فتتحول أحواله وتتغير مواقفه لأنه غير مشدود إلى قضية عظيمة عليها يحيا وعليها يموت، ومرادي من الكلام عن هذه الخصلة أن لا يكون تعامل الأجيال مع الأزمات تعاملا عارضا فتهتز القلوب وتثور المشاعر عندما يسيئ المجرمون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم سرعان ما تنطفئ هذه الجذوة وينسى الناس هذه الجراحات المؤلمة والطعنات الموجعة بل لا بد من أن تصبح هذه الأزمات الكبرى في حياة المسلمين جزءا لا يتجزأ بمعنى أن يغدوا قضية جوهرية لا تنفك عن حياة المسلم.

والقضية الكبرى في حياة المسلم هي توحيد رب العالمين واجتناب الشرك والبراءة من أهله والتمسك بالسنة النبوية ورفض البدعة وترك ذويها لأن الله خلق الخلق لعبادته وتوحيده والتخلص من الشرك والتبرؤ من الكفر، وأن يلتزم المسلم السنة النبوية لا نبغي بنورها بديلا من ظلمات البدع.

ثم إن هناك قضايا رئيسية في حياة المسلم فتحكيم الشريعة قضية وتحرير بيت المقدس قضية وهدم طاغوت العلمانية قضية ورفض الإباحية قضية والجوع والفقر والمرض والحرمان قضية، فهناك قضايا جوهرية يعيشها المسلم بروحه ونفسه وعقله وكينونته، فلا يعيش المسلم تافها ولا سلبيا ولا حائرا بل له رسالة عظيمة لها جوانب متعددة تسري في عروقه ويَنْبُضُ بها قلبه، وإن المسلم صاحب الرسالة يكون متزنا في تفكيره مطمئنا في قلبه سليما في سلوكه منضبطا في سيره حكيما في كل شؤون حياته خلافا لمن لا هَمَّ له ولا قضية ولا رسالة ولا مسؤولية فهو في ضياع وحيرة واضطراب وتناقض.

وإنك لتعجب للمسلم الذي ينشغل بقضايا جزئية على حساب أصول كلية، فمن الناس من يحارب إخوانه من العلماء والدعاة والأخيار والأبرار، نعم قد تكون عند بعضهم أخطاء يُنصحون فإذا كثر ذلك منهم يُشَدَّدُ عليهم فإن أصروا فآنئذ يعاملون معاملة المبتدعة ويُبْغَضُونَ في الله البغض الأصغر لأن البغض الأكبر هو في حق الكفار والمشركين، لكن هذه الحملة الهوجاء على علماء الملة فتنة عظيمة وفساد كبير وهب أنهم قد ماتوا أو أُسقطوا ما العمل بعدهم؟ هل من قضية يعيشها هؤلاء؟ هل سيسعون إلى تطبيق الشريعة الإسلامية؟ هل سيعملون جاهدين لهدم طاغوت العلمانية؟ وهل…؟ وهل…؟ وهل…؟.

وقد سمعت أحد رؤوسهم يقول نصبر وننتظر حتى يبعث الله رجلا كعمر بن عبد العزيز وما أشبه هذا الكلام بانتظار مهدي الروافض، فمجيئ حاكم صالح صورة من الصور في البحث عن حلول وإلا فالعمل الجاد الدؤوب لخدمة الحق له صور كثيرة مشروعة لا غبار عليها، لكن عندما لا يكون عند الإنسان قضية ولا مسؤولية ولا أمانة ولا رسالة لا يكون عنده رؤية ولا نظر ولا دراسة ولا آفاق.

الخصلة الخامسة : لن تكون الفتن سبيلا للخلاص

أيها الشباب المخلص…
أيها الجيل الغيور…
أيتها القلوب التي اشتد غيظها في الله لما تراه من المنكرات الفظيعة والمصائب المؤلمة والإساءات البليغة والتهجم الشنيع…

إن هذا الواقع المرير الذي يعيشه المسلمون منذ زمن وكيف عاث المفسدون في الأرض ثم زاد الطغاة والمفسدون فتنا كقطع الليل المظلم إلى أن وصلوا إلى منتهى الطغيان بالإساءات إلى نبي هذه الأمة العظيم والتهجم على قطعيات الأحكام في كتاب رب العالمين.

رغم خطورة هذا الوضع على الأجيال المباركة أن تعلم أن الفتن والمظاهرات وإحراق الممتلكات والاعتداء على الآمنين وإدخال الرعب في قلوب الناس من أي طرف كانت هذه الفتنة من المُعْتَرِضِ أو المُعْتَرَض عليه، الفتنة حرام من أي مصدر كانت، فعلى الشباب الصادقين أن يتابعوا العلماء الصديقين والفقهاء الربانيين وهم كثير في هذه الأمة، أما علماء السوء وخطباء الفتنة والوعاظ الكذبة فلا يساوون عند الله جناح بعوضة ولو كانوا يحملون في صدورهم علوم الأولين والآخرين، فالعلم استقامة والعلم التزام والعلم موقف والعلم أمانة والعلم رسالة والعلم وراثة نبوية يصطفي الله لذلك من يشاء من خيار عباده جودا وكرما ومن زاغ أو بدل أو غيَّرَ فبما كسبت يداه وما ربك بظلام للعبيد.

إننا نريد عقولا جبارة وأفكارا عميقة وعملا دؤوبا وجهدا مباركا، إن هذا الأُخْطُبُوطْ الذي وضعه الاستكبار العالمي في بلاد المسلمين رغم أنه مُعَقَّد جدا إلا أنه يُحَلُّ بإذن الله ويُفَكُّ بتيسير الله إذا قام الرجال الصادقون والأبطال الربانيون بعد توفيق الله ومَنِّهِ وجوده وكرمه بالعمل المتواصل والجهد المتكامل آناء الليل وأطراف النهار فسيجعل الله لهذه الأمة فرجا ومخرجا، إن موعدهم الصبح اليس الصبح بقريب.

أيتها الأجيال العظيمة…

إننا نرفض الفتنة العمياء رفضا مطلقا بل ستزيد هذه النيران فتنة وستعمق من عُقَدِ هذا الأخطبوط المخيف، وهو حلم الاستكبار العالمي لتعيش الأمة في مستنقعات الدماء ويتيسر لقوى الشر لتفعل في هذه الأمة الأفاعيل.

وفي الوقت نفسه نرفض السلبية والانبطاح والذل والعار، فالذين يقولون الأمر قد انتهى وأن لا خلاص وقد حوصرنا من كل الجوانب ولم يبق إلا الاستسلام وأن نقبل كل شروط أعداء الله ورسوله وليس لنا أن نشترط شيئا، هؤلاء ليسوا جبناء فقط ولا خونة فحسب بل أقوام لا إيمان لهم بالله ولا يقين لهم في عظمته ولا توكل عليه وأنهم يحسبون أن الخلق يغلب الخلاق وأن العبد يهزم الجبار فلا توحيد عندهم ولا إيمان.الشعراء 227

إن الخطوة المحسوبة هي الحكمة لا الغرق في نيران الفتنة فهذا من التهور الذي لا تحسب خطواته وقد يكون نابعا من الغلو الذي يخالف الحق وقد تدفع اليه مصالح ورغبات وطموح ورياسات وما إلى ذلك مما يعود على الأصل الأصيل بالإبطال.

كما أن الانبطاح والسلبية مرض عضال وداء فتّاك قد نَخَرَ جسم هذه الأمة منذ قرون وهو ذل فظيع وخزي شنيع يحسب أصحابه أنهم حكماء وعقلاء وغيرهم متعجل مندفع جاهل فَتَّان، صحيح قد تكون في بعض الحالات الخاصة ما يدعو إلى مراعاة الضرورة أو الحاجة أو أن تكون المصلحة الراجحة تقتضي نوعا من المرونة ويفتي بذلك من يوثق بعلمه ودينه فهذه استثناءات، أما أن يجعلها الإنسان أصلا عاما وقاعدة مطردة فهذا من أبطل الباطل وما آل إلى ذل وخزي وعار ومهانة يعود على أصل العزة والشهامة والقوة والكرامة التي هي أصول قطعية في الإسلام فكل ما عاد على هذه الأصول بالأبطال فهو من أبطل الباطل.

الخصلة السادسة : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله

إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا توفرت شروطه وانتفت موانعه هو شرط في خيرية هذه الأمة فإذا عطل المسلمون هذه الشعيرة العظيمة من شعائر الإسلام سقطت درجتهم وانفرطت عقودهم وهانوا على الله وتحولوا من عزة إلى ذل وهذا قد حصل للأمم السابقة قال الله تعالى:المائدة 78-79

وهذا الموضوع وقع فيه إفراط وتفريط فأهل التعجل ممن لا علم لهم ولا دراية لا يراعون تحقيق الشروط ولا انتفاء الموانع، وأهل الانبطاح والسلبية عطلوا هذه الشعيرة العظيمة بشبه أوهى من بيت العنكبوت.

والجهاد في سبيل الله قائم إلى أن تقوم الساعة وهو ذروة سنام الإسلام وهو مفخرة هذه الأمة وإذا عطله المسلمون سلط الله عليهم ذلا لا يرفع حتى يجاهدوا في سبيل الله، فمن أراد إنكار هذا الأصل فلا دين له ومن وضعه في غير موضعه فهو رأس من رؤوس الفتن وعَلَمٌ من أعلام الضلال.

أقول للجيل الفاتح إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله أصل أصيل في هذا الدين وهو معلوم من الدين بالضرورة.

لكن الذي أريد التنبيه عليه هو أن الجيل الفاتح الذي هو جيل العلم النافع والعمل الصالح والوعي الدقيق والفهم العميق وهو جيل يعيش عصره من خلال هويته وخصائصه يجب أن ينظر إلى هذا الموضوع نظرة توافق عصره ولسان قومه وأعراف الناس من حوله، فليست هناك صورة جامدة تلتزم في كل العصور والأزمان أو الأماكن والبلدان.

فمثلا كان توزيع الزكاة على مستحقيها يتخذ صورا متعددة لكنه اليوم باستعمال المؤسسات والأجهزة والعلاقات ومعرفة الأماكن الأكثر تضررا في الدنيا وما إلى ذلك من الأسباب أصبح توزيع الزكاة بلسان العصر وبعرف الزمان يأخد بُعْداً كبيرا.

فمثلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الجيل الفاتح إضافة إلى الطرق المعهودة والأساليب المعروفة أن يلبس لباس هذا العصر في القيام بواجبه، وهذه ثقافة يجب إحياؤها عند هؤلاء الأبرار ممن يحبون الله ورسوله ويعظمون كتابه وينصرون نبيه، فيجب كتابة البيانات في نصرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثلا وإنشاء المعرض تلو المعرض وتوزيع المطويات وجمع التوقيعات المليونية ومكاتبة كل الجهات الرسمية وغير الرسمية والاحتجاج بكل الطرق المشروعة وما إلى ذلك من الوسائل العديدة.

كما أنه يجب أن تقدم الشكاوى إلى المحاكم والغُرَفْ والهيئات والمؤسسات المتعلقة بحقوق الإنسان وما يسمى بالجمعيات المدنية وغيرها سواء كانت علمانية أو غير علمانية وتكون الشكاوى بالملايين فهذا من أوجه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلغة العصر وهي قوية عليهم لأنها أداة ضغط شديدة، وإذا كانت هناك مؤسسة رهيبة مثلا “دوزيم” وهي مؤسسة فرانكفونية فرنسية صهيونية غير مرخص لها تمتلك أراض شاسعة بغير حق وتأخذ أموال المسلمين ظلما وزورا وبهتانا وهي تهدم عقيدة الأمة وهويتها وخصائصها وأخلاقها لتجعلنا شعبا فرانكفونيا فرنسيا صهيونيا وما إلى ذلك من جرائمها العديدة ومصائبها الرهيبة فعلى الجيل الفاتح أن يعمل جاهدا على فضح هذه القناة ومقاطعتها ومقاضاتها وجمع التوقيعات المليونية للتخلص من هذا الجرثوم الصهيوني، فهذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلسان العصر وبطرائق الزمان وأساليب الأعراف وأن لا يقتصر الغيورون على أساليب محددة فقط بل يضيفوا إلى ذلك ما يحقق المصلحة الشرعية وفق ضوابط المقاصد الربانية.

والجهاد في سبيل الله جهاد الكلمة وجهاد القلم وجهاد التعليم وجهاد الإنفاق في سبيل الله والجهاد بالسيف جهاد الدفع أو جهاد الطلب كل هذا يكون عند الجيل الفاتح حسب القواعد والأصول التي سبق بيانها في هذه الخصال المذكورة.

لكن الذي أريد أن أنبه عليه هو أن على الجيل الفاتح أن يستعمل لسان العصر في باب الجهاد وهو تعلم اللغات والإعلاميات وغزو الفضاء وخطورة الجمعيات السرية ومعرفة الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات ودراسة السياسات التي تقوم عليها هذه الأنظمة المتعددة التوجهات وأن يكون الجيل الفاتح ملما بتاريخ الإنسانية القديم والحديث لأن فيه دروسا مهمة وعبرا عظيمة لها علاقة وثيقة بمجريات الأمور اليوم، كل هذا من خلال المحافظة على الهوية والتمسك بالخصائص والتزام السمت النبوي والهدي الرباني مع الاستقامة والعلم الشرعي والعمل النافع والوعي الدقيق والنظر البعيد والآفاق الواسعة ليعيش المسلم عصره فعالا بناء مؤثرا نافعا وهذه مواصفات الجيل الفاتح فعلى قدر اشتغاله بدقائق العلم على قدر اهتمامه بالمؤامرات الرهيبة ضد الإسلام والمسلمين تكامل وتناسق وتدافع وتآزر…

فإلى إخواني الأبرار الذين سألوا ما هو المطلوب منا في هذه المعركة الحضارية مع القناة الفرنسية الفرانكفونية الصهيونية “دوزيم”.

فقد أجبت إجابة واسعة عن الموضوع واختصرتها اختصارا وتركت ذكر الأدلة الشرعية وأقوال أهل العلم والإحالات إلى المصادر والمراجع لأنني أجيب الإخوة الأبرار في هذه الأيام العصيبة في حربنا الحضارية مع العلمانيين والمرتدين والفضائيات الصهيونية والخونة والعملاء نضطر الى أن نجيب على وجه الاختصار وإلا فإننا بفضل الله سنذكر التفصيل بالأدلة الشرعية وأقوال أهل العلم المتقدمين والمتأخرين والإحالات إلى المصادر والمراجع عندما ننقل هذا إلى رسائل وكتب حتى يَعُمَّ النفع ويسود الخير ويتقوى الجيل وينقرض الباطل

كما سبق أن أشرنا إلى أن هذه مواضيع للبحث والمراجعة مع المشايخ الفضلاء والدعاة الربانيين والطلاب الصادقين وهي قطرات تشير إلى بدايات يليها الغيث النافع والمطر المبارك كما قال الله تعالى:الحج 40ال عمران 126البقرة 249

اللهم انصرنا على القوم المفسدين.
اللهم عليك بأعدائك وأعداء نبيك، اللهم دمرهم تدميرا، اللهم اجعل كيدهم يرتد إلى نحورهم، اللهم إنهم لا يعجزون قدرتك، اللهم أبد خضراءهم ومزق جموعهم وشتت شملهم.
اللهم اجعل هذه الضربة قاضية على “دوزيم” فلا تقم لها قومة أبدا.
يا رب … يا رب …. يا رب ….

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله الأطهار وصحبه الأخيار ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

رب انصرني على القوم المفسدين..
رب انصرني على القوم المفسدين..
رب انصرني على القوم المفسدين..

أخوكم المحب عبدالحميد أبوالنعيم غفر الله له ولوالديه والمسلمين.
ليلة الثالث من ذي القعدة عام سبع وثلاثين وأربع مئة وألف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم الموافق 07 غشت 2016م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *