الرئيسية / رسائل / هذه هي الحركية … وهذه هي الحزبية … “رسالة إلى الشيخ الحسن الكتاني”

هذه هي الحركية … وهذه هي الحزبية … “رسالة إلى الشيخ الحسن الكتاني”

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وآله الأطهار وصحبه الأخيار أجمعين ومن سلك مسلكهم إلى يوم الدين.

إلى الشيخ الأستاذ الحسن الكتاني حفظه الله ورعاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أشكر لكم شجاعتكم الأدبية في طرح قضايا البحث العلمي، فكثير من طلاب العلم والباحثين لا يصرحون بملاحظاتهم وقد تكون لها أجوبة علمية، وربما أشاعوا الاتهامات في مجالس عِدَّة ولا تُوَجَّهُ إلى من هو معني بالأمر وهذا ليس من أخلاق أهل العلم ولا من آداب الطلب فازداد الطين بِلَّةً والله المستعان.

أيها الشيخ الأستاذ،

فيما يتعلق بسؤالكم عن الحزبية والحركية ولا سيما وهذه المصطلحات وغيرها قد تلطخت في الواقع الدعوي المعاصر كما أشرتم يسر الله أمركم

فقد قال الله تعالى “فاسأل به خبيرا

وقد كان بودي أن أؤخر الكلام عن هذا الموضوع لأسباب عدة، أما قد جاء السؤال منكم فليس من الجواب بُدُّ.

وكلامي عن الحركة الإسلامية المعاصرة في بلاد المغرب الأقصى أو عن الأحزاب ذات المرجعيات الإسلامية أو التنظيمات والتجمعات الإسلامية بل التيار الإسلامي العالمي المعاصر، فأنا لا أتكلم عن هذا الموضوع الطويل والبحث العريض كلام فضولي لا علاقة له بالموضوع، فقد عشت نشأة العمل الإسلامي بالمغرب الأقصى وكنت قريبا من صناعة القرار وعشت الأحداث واهتم بي المؤسسون اهتماما كبيرا، وسافرت منذ نعومة أظافري إلى أوروبا والمشرق العربي والحج والعمرة عام 1977 م وما بعدها، وقد يسر لي هؤلاء المسؤولون وإن كنتم قد اختلفت معهم في مسائل أخر أمورا كثيرة وأفادوني إفادات عظيمة خصوصا في تاريخ اليسار المغربي وجرائمه ومؤامراته ودمويته ولا زال أكثرهم أحياء بارك الله في أعمارهم وختم لهم بالتوحيد والحسنى وغفر الله لنا جميعا ولوالدينا والمسلمين، كما أنهم قدموني إلى شخصيات إسلامية عالمية فتكلموا معي في دقائق مهمة ومسائل مفيدة، وسأبين بعد الكلام عن العلمانية والحداثة وما بعد الحداثة وسأكشف بوضوح مسائل تتعلق بتاريخ الحركة الإسلامية المغربية وغير المغربية كتابة مطَّلع ودراسة باحث عاش الأحداث عن كتب، لكن نَلْبَسُ لكل حال لَبُوسُهَا.

الحركيون والحزبيون ممن ينتمون إلى التيار الإسلامي لا يبالون بالعلم الشرعي ولا يقدمون العلماء العاملين خاصة في أمورهم العملية، قد يخاطبونهم بأدب وقد يعانقونهم بلطف ولكنهم يبعدونهم بطريقة لبقة، ولا يهمهم أمر التوحيد وسلامة الاعتقاد بقدر ما يشغلهم التجميع وكثرة الأتباع والاشتغال بالقضايا السياسية، ومصيبتهم الكبرى هي الغاية تبرر الوسيلة وهذا هو الصنم الذي هدم كيان الحركة الإسلامية إضافة إلى طاغوت مصلحة الدعوة وفتنة المقاصد التي وضعوها موضعا سياسيا لا شرعيا، كما أن التركيبة الحركية والحزبية هي على الطريقة الغربية أو الآسيوية وأمريكا الجنوبية (المنظمات اليسارية) ناهيك أنها تنبني على بيعة وعهد يخالف أمور الشريعة فيعطون للناس من الحقوق ما لم يعطهم شرع الله فتصبح الطاعة العمياء للقادة والمسؤولين إلى حد يخالف شرع الله ويصبح العضو داخل هذه الحركات والأحزاب أسيرا لهؤلاء حتى في قضايا شخصية دقيقة يأمرونه في ذلك وينهونه نهيا حركيا حزبيا ولم يبح لهم الشرع ذلك بل وما أباحه للخلفاء الراشدين، وأصل هذه البدعة المنكرة هو إلزام الخلق بما لم يلزمهم به الله ولا رسوله وهذه زيادة في الدين قد تصل في بعض صورها إلى ما لا يحمد عقباه.

وداخل هذه الحركات والأحزاب مراقبات شديدة وتجسسات كثيرة حتى في القضايا الخصوصية، وهناك انتقامات شديدة تصل أحيانا إلى ما لا أستطيع أن أبوح به الآن، وبسبب طاغوت مصلحة الدعوة الذي فهموه فهما سيئا يبيحون الكذب والافتراء والتصنع والتجسس والنفاق ويجالسون كل فرقة على هواهم ولو كانوا علمانيين أو شيعة أو يهودا أو نصارى يقولون لكل فرقة إنا معكم إنما نحن مستهزؤون، أما في مجال الفقه والفتوى فهم عندهم الحلال والحلال وكل شيء مباح فالفن والمسرح والغناء والسياحة و… و…. و….

وتحسبهم جميعا وقلوبهم شتى إذا رأيتهم يتعانقون قلت هؤلاء هم أهل المحبة في الله بَيْدَ أن بعضهم يتآمر على بعض وكل يتحسس ويتجسس، وظاهرة الانشقاق تلو الانشقاق معهودة عندهم والتآمر في أيام الأزمات من أخلاقهم، وهم مُخْتَرَقُونَ أبشع الاختراقات، والكثيرون منهم لهم مظلات ويدعون البطولات وكثير منهم جر على الأمة المصائب وورَّطَ حركته أو حزبه في مُلِمَّات ناهيك عن المتلاعبين منهم و أصحاب المصالح الدنيوية الذين جمعوا الأموال الطائلة باسم الدعوة ودرَّسُوا أولادهم في الجامعات العالمية ويعيشون في ترف وبَذَخ، والذي يُدْمِي قلوب الأبرار أن هؤلاء يتقنون جميع اللغات السياسية فقد يتكلم بلغة المعارضة فتحسبه بطلا عالميا ثم هو نفسه ينادي بالتوافق بحرارة حتى تحسبه من أدوات البلاط وقد يهاجم المخالف حتى تعده من رؤوس التكفير ثم قد يعانق اليهود والنصارى والروافض وأهل الأهواء ويلاطفهم كأنه واحد منهم ولا مانع عندهم من دخول الكنائس والبيع ويعتبرون الشرائع السماوية وغيرها شيئا واحدا وهذا فساد في الاعتقاد ونقد للتوحيد وهذا طعن في النوع لا تكفير للمعين نسأل الله لنا ولهم الهداية، ولا يعرفون التزاما للسنة النبوية ويردون الأحاديث الصحيحة القطعية ولا عبرة عندهم بالبخاري ولا بغيره جهلا وتنطعا، وقد ينزلون مع العامة والدهماء والسوقة والشباب إلى مواضيع تافهة يساندونهم ويرضونهم ويتقربون إليهم بعبارات ساقطة وقد يحضرون هذه الملتقيات الرياضية والمهرجانات الغنائية والكنائس النصرانية وغير ذلك ويعانقون هذه الأصناف رغم ما في ذلك من مخالفات شرعية بزعم الحكمة في الدعوة وهي الفتنة في الدعوة والتسيب في الفقه ويسمونه التجديد والتيسير والتعفن السياسي المتناقض والمضطرب ويعتبرونه قمة الوعي وإذا نصحهم أهل العلم بالكتاب والسنة سموهم علماء الحيض والنفاس والبترودولار ونعتوهم بعلماء البلاط وعملاء الاستعمار.

أيها الشيخ الأستاذ لولا أنك من أهل العلم والفضل رغم مسائل نختلف فيها سنتحاور فيها أخويا وبأسلوب رقيق لما أجبت أحدا على هذا السؤال الآن وقد ذكرت اليسير وتركت الأمور الخطيرة إلى إبَّانِها نصحا للأمة وتصحيحا للمسار وأمانة للتاريخ وإحقاقا للحق وإزهاقا للباطل.

أما الذين كتبوا في هذه المواضيع لا علاقة لهم بتاريخ الحركة الإسلامية لا من بعيد ولا من قريب إلا نشرات قليلة كتبها من عاش هذه المرحلة بدمه وقلبه وكينونته وفي هذه الدراسات المكتوبة عن تاريخ الحركة الإسلامية من أناس لا علاقة لهم بالاستقامة ومن آخرين لا دراية لهم بالوقائع ما يجعل الحليم حيرانا والله يحكم لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِه.

وأما السبَّابَة الذين دوخوا الدنيا بفتنهم فلا يعرفون الحركية ولا الحزبية ولا الجرح ولا التعديل ولا يهمهم الأمر بالمعروف ولا النهي عن المنكر ولو توفرت شروطه وانتفت موانعه، وإذا ذكرت لهم الجهاد في سبيل الله لوصفوك بالخارجية والإرهاب والفتنة ولو كان الجهاد ضد اليهود لاسترجاع بيت المقدس ولو ذكرت لهم تحكيم شريعة الرحمن لولَّوا على أدبارهم نفورا لأنهم يعظمون القوانين الوضعية تعظيم أهل التوحيد للقرآن الكريم بل أشد من ذلك، أما إذا أشرت إلى الطغاة المفسدين كروافض العراق أو نصيرية الشام لقالوا خارجي على الخلفاء الراشدين ووصفوك بالفتنة والتشغيب والفساد في الأرض، أما إذا تطاولت وانتقدت القناة الثانية “دوزيم” لهبوا هبة رجل واحد قائلين هذا أمر لا يهمكم فليفعلوا ما يشاؤون وحتى لو فعلوا فهذا فسق وأنتم مبتدعة والبدعة أعظم من الفسق وكل شيء عياذا بالله عندهم مقلوب ومنكوس نسأل الله السلامة والعافية ونرجوا الله لنا ولهم ولغيرهم من المسلمين الهداية والاستقامة والتوفيق ولا حول ولا قوة إلا بالله وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله الأطهار وصحبه الأخيار.

أخوكم المحب عبد الحميد أبو النعيم غفر الله له ولوالديه والمسلمين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *