الرئيسية / مقالات / سلسلة إيقاظ الضمير في شكاية ضمير / إيقاظ الضمير في شكاية ضمير 03 – موضوع الحوار وإقصاء الآخر

إيقاظ الضمير في شكاية ضمير 03 – موضوع الحوار وإقصاء الآخر

لقد تعرض أصحاب الشكاية إلى موضوع الحوار وإقصاء الآخر وإذا كان القوم صادقين في ما ذكروا فليفتحوا بابا للحوار في كل ما ذكره عصيد ليتبين من يريد الحوار ممن يعاديه ومن صاحب الشفافية ممن لا نصيب له فيها .فإن العالمانيين يفرون من الحوار الجاد المسؤول ويختفون وراء غبار الالتواءات والمراوغات والإدعاءات بعيدا عن الحجة والبرهان.

وقد سبق لي في دروس عديدة أن طلبت من الذين يستهزؤون بمصادر الأمة الأصلية كصحيح الإمام أبي عبد الله البخاري وصحيح الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري وممن يتهكمون من رجالات الأمة العظماء من الخلفاء الراشدين والصحابة المرضيين وأئمة الرواية وجهابذة الدراية.

طلبت منهم أن يحاضروا في هذه المصادر أو يؤلفوا في هؤلاء الرجال وأعطيتهم عاما كاملا ثم يفسحوا المجال للتباحث والمدارسة حول هذه الأصول والمصادر كما وجهت نداء لمن ربطوا مصادرنا بالعلوم النووية أن يلقوا محاضرات أو ندوات حول مزاعمهم لأننا موقنون أنهم لا علم لهم بمصادرنا ولا إطلاع لديهم في علوم العصر ولكنها “الجبهة وتخراج العينين ولا ضمير”.

وها نحن ننتظر جواب هؤلاء وأولئك ونقول لجبهة ضمير إن الحوار في المسائل التي نسبناها إلى عصيد من سب النبي عليه الصلاة والسلام ووصفه بأقبح الأوصاف وهجومه على الشريعة واعتزازه بالغرب وتنقصه من الملوك العظماء كإدريس الثاني رحمه الله الذي هو من مفاخر هذا البلد وإساءته القبيحة في حق هذا الشعب بأنه شعب منافق وقوله عن أركان الإسلام أنها من خرافات الشعوب وما إلى ذلك مما سبق بيانه في دروس سابقة .

نقول لهذه الجبهة بعد أن أدخلت نفسها في هذا الموضوع وقدمت فيه شكاية مليئة بالأكاذيب والافتراءات عارية عن الحجج والبراهين إننا مستعدون للحوار العلني العلمي وأن نتجاوز السب والشتم والكلام الساقط وأن نقارع الحجة بالحجة وأن نرد على الدليل بالدليل وأن نبين وجه الحق وأن نغربل الأقوال والاستدلالات ونحقق ونحرر حسب معايير المناهج العلمية والطرائق الأكاديمية.

إننا اخترنا في المرحلة الأولى أن نثير هذا الموضوع ليعلم الناس جميعا الذي يراد بدينهم وكتاب ربهم وأن نبين أن سب النبي عليه الصلاة والسلام والهجوم على دين الله والطعن في كتابه الكريم والهجوم على شريعة الرحمان والسعي إلى شيوع الفساد في الارض مع الرغبة في مسخ الهوية وطمس الخصائص مما عجت به الصحافة الصهيونية الناطقة باللغة العربية بل هي عبرية حسا ومعنى فإثارة هذا الموضوع أمام الناس جميعا ليكونوا على دراية تامة بالذي حصل.

وبعد هذه المرحلة الأولى جاءت مرحلة ثانية وهي بيان الحكم الشرعي في أهل الردة والزندقة والسب لله ورسوله والشتم لكتابه وشريعته بما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع وبما هو مقرر في كتب فقهاء المالكية من المتقدمين والمتأخرين رحمهم الله تعالى بما هو قطعي في دلالته لا يحتاج إلى تأويل أو إجتهاد.

وها نحن بحمد الله وتوفيقه ننتقل إلى مرحلة ثالثة وهي مقارعة الحجة بالحجة وطرح الأدلة وذكر البيانات وكشف المخبوء وفضح التاريخ الأسود المريب للتقدميين والعالمانيين واليساريين والحداثيين والليبراليين ممن يعادون دين الله ويشنون عليه الحرب الشعواء مستدلين على كلامنا بالحجج والبراهين ونطرح ما ينسب إليهم بالأدلة والوثائق والبيانات لأنه لا يحل لنا شرعا أن نتهم أحدا بدون بينة.البقرة 190

نريده حوارا جادا مسؤولا علنيا ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيي عن بينة وليميز الله الخبيث من الطيب.

فلا داعي للالتواءات والمراوغات والأكاذيب والافتراءات فهذا أمر قد حرمه الله وإن الله لا يصلح عمل المفسدين فالذين ألفوا فن الكذب ويتقنون الالتواء فلا قيمة لهم في سوق البحث العلمي وسيفضح أمرهم في أول جولة من النقاش وفي السطور الأولى من الحوار وذلك هو الخزي العظيم.

وإننا ندعوا علماءنا ومفكرينا ورجالات هذه البلد من الأمناء الأخيار أن يلجوا مائدة هذا الحوار بما لديهم من علم ودراية وسعة إطلاع كما نرجو من كل من يملك حججا ووثائق وأدلة تعين في بيان الحق في هذه المناظرات العلمية أن يدلوا بذلك لأن هذه أمانة عظيمة وإيمان عميق ونصيحة مباركة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم وحتى يعلم الناس جميعا أننا نملك الحق بالحجة والبرهان وأننا موقنون على أن أعداء الإسلام ليسوا على شيء في العلم ولا في المعرفة وأن دعواهم الحوار والشفافية دعوى عريضة بل هم أهل غطرسة وأنانية وطغيان وإقصاء لمن خالفهم ويزعمون أنهم أعداء الديكتاتورية وهي تجري في أعماقهم مجرى الدم في العروق ولكن إذا لم تستح فاصنع ما شئت.

وهانحن في انتظار الحوار الذي أشاروا إليه في شكايتهم إن كانوا صادقين في دعواهم وإلا فهذه شنشنة نعرفها من أخزم.

ولم يكن علماء الإسلام وفقهاؤه في يوم من الأيام يرفضون الحوار الجاد البناء إذا توفرت شروطه وكان المحاور من أهل الكفاءة والمسؤولية كما أنهم لم يكونوا في زمن من الأزمنة راضين عن الفتنة أو حاضرين في أماكن التوتر أو ميادين الفساد بل كانوا ناصحين للأمة راغبين في الخير مطفئين لنيران الفتن ساعين إلى الجماعة والطاعة ليعيش الناس في أمن وخير ويمن وبركة وكان مخالفوهم من أعداء الله ورسوله أئمة لكل فتنة وزعماء لكل ضروب الفساد جروا على البلاد والعباد مصائب جسيمة وبلاء مخيفا ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور.

لكن العلماء الأبرار والفقهاء الأخيار إذا تهجم الناس على دين الله وأساءوا الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قاموا ببيان الحق والاحتجاج بالأدلة ودحض الباطل نصحا لله ورسوله وخدمة لدينه وإطفاء لنيران الفتن ومحافظة على الأمة من التشتت والضياع.

وفي مجال الحوار يحاور العلماء الصادقون المخالف بروح علمية عالية وأخلاق رفيعة لأنهم يحسنون المجادلة بالحسنى إلا الذين ظلموا وأساءوا وتجاوزوا الحدود ولم يراعوا إلا ولا ذمة فيكون الغضب لله ابتغاء مرضاة الله لأن الرفق في غير محله يكون ضعفا والرحمة مع من لم يستحقها تكون دلا ويلبس القوم لكل حال لبوسها بمنهج الإسلام وطريقته الشرعية التي لا ضرر فيها ولا ضرار.

فكان لابد في المرحلة الأولى من أن يكون الرد شديدا لأن البغاث في أرضنا قد استنسر فكان ظلمهم شديدا فوجب إثارة هذا الأمر بما يليق به لأن الهجوم على كتاب الله الكريم والطعن في النبي الأمين من الأمور العظيمة التي يجب إثارتها ليكون الناس على بينة من أمرهم.

وفي المرحلة الثانية وجب بيان الحكم الشرعي بالأدلة في المرتد والزنديق والساب لله ورسوله حتى يعلم الناس حكم الله جليا بينا.

ونحن اليوم (وهي المرحلة الثالثة) بعد أن ذكر أصحاب الشكاية أمر الحوار مستعدون للحوار العلمي العلني بالحجة والبرهان وإذا كان تمة تلاعب أو مراوغات أو مزيد من الافتراء فنحن جاهزون لمراحل أخر نفضح فيها بالأدلة والبراهين ردَّة أعداء الله ورسوله وخيانتهم وتآمرهم على بلدهم وغدرهم لبعضهم البعض وسرقاتهم الكبيرة وفسادهم العريض وأن يكون ذلك أمام الناس جميعا ليفضح المجرمون ويكشف المفسدون ويتبين للقاصي والداني أن زعمهم الحوار وتغنيهم بالدمقرطة وكذبهم بحقوق الإنسان وما إلى ذلك من الشعارات الجوفاء إنما هي مساحيق يخفون وراءها وجوها مخيفة وشخوصا رهيبة وهم أعلم الناس بحقيقة أمرهم وقد فضحوا بعضهم البعض وكشفوا عن حقائق مريبة وأسرار مخيفة وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين.

إنهم هم الذين وضعوا الشكاية الباطلة وهم الذين اتهموا بالإرهاب زورا وادعوا الحوار كذبا وتعلقوا بالمواثيق الدولية خيانة فإما أن يثبتوا بالحجة والبرهان ما ذكروه من إتهامات وإفتراءات وإما فليتحملوا النتائج العلمية المترتبة على هذا الموضوع وهما أمران كلاهما مر شديد المرارة حتى يتيقنوا أن الهجوم على دين الله وإساءة الأدب مع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لها عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة.البقرة 279الأنفال 13النساء 115 1

وفي الختام نود أن يعلم الناس أن الغاية من الحوار هو التناصح والتقويم والسعي في الإصلاح والحرص على هداية الخلق فالله تواب رحيم جواد كريم.الزمر 53فالعلماء والصالحون يحرصون على هداية الخلق والأخد بأيديهم وانتشال الغرقى وإنقاذ المفتونين وإقناع الحائرين وخدمة الصالح العام بالحكمة والموعظة الحسنة لأنهم يريدون الخير لجميع الناس في الدنيا والآخرة، لكن من أبى وعاند وأصر على الباطل بينوا أمره بالحجة والبرهان وكشفوا زيغه بالدليل والبيان إحقاقا للحق وإزهاقا للباطل لأنهم جند الله المخلصون وحزبه المفلحون.الحجر 49-50

فنرجوا الله عز وجل أن يحفظ بلدنا هذا وسائر بلاد المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يصون كتابه العظيم وسنة نبيه الكريم ودينه القويم من طعنات المفسدين وضربات المعتدين وأن يجعل كيدهم يرتد إلى نحورهم وأن يكفينا شرورهم بما شاء وكيف شاء إنه ولي ذلك والقادر عليه ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه.

كتبه أبو عبد الرحمان عبد الحميد أبو النعيم غفر الله له ولوالديه والمسلمين يوم السبت لسبع باقين من ذي الحجة الحرام سنة خمس و ثلاثين وأربعمئة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم الموافق 18أكتوبر2014.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *