الرئيسية / مقالات / سلسلة إيقاظ الضمير في شكاية ضمير / إيقاظ الضمير في شكاية ضمير 04 – شريعة الرحمن والقوانين الكونية

إيقاظ الضمير في شكاية ضمير 04 – شريعة الرحمن والقوانين الكونية

جاء في الشكاية المذكورة أن المعتمد هو المواثيق الدولية إليها المرجع وعليها الاعتماد في كل قضايا الأمة.

فنقول وبالله التوفيق:

أ – القوانين الكونية إملاء استعماري

إن القوانين الكونية والمعاهدات الدولية والعولمة المعاصرة والحداثة وما بعد الحداثة هذه أمور قد فرضها المستعمر الغاشم على البشرية فلم يشاور الاستخراب أحدا من العالمين. فأمم الدنيا لها حضارات متعددة وثقافات متغايرة من بلاد الهند إلى أرض الصين وفي بلاد الإسلام العريضة إلى أمم عدة.

قام الاستعمار الصليبي وربيبته الصهيونية بفرض قوانين عالمية وأسسوا عصبة الأمم التي أصبحت فيما بعد الأمم المتحدة ومجلس الأمن الذي هو إلى الرعب أقرب والبنك الدولي والمخابرات العالمية والشركات المتعددة الجنسيات مع الكنيسة العالمية ومجلس اليهود العالمي بفرض أنظمة على العالم لم تشارك فيها أي أمة ولم تساهم فيها أي حضارة إنسانية على اختلاف المشارب وتنوع الثقافات.

فالعولمة الحديثة التي بدأت مشروعا اقتصاديا يريد السيطرة على خيرات العالم ثم أصبحت قانونا عالميا ونظاما سياسيا يقوم على أسس اقتصادية وثقافية وسياسية، فمسألة حقوق الإنسان ومسألة حوار الأديان وتلاقح الثقافات وأن تصبح الدنيا قرية صغيرة يعمها نظام عالمي واحد مفروض من قبل أجهزة الاستكبار العالمي فكيف تريد منا جبهة ضمير والعالمانيون واليساريون ومن سلك مسلكهم أن نسير وراء قوى الشر المستبد الذي وضع نظاما عالميا لم يلتفت إلى أحد من الناس ولم يشاور أمة من الأمم وهذا قانون الغاب يأكل القوي الضعيف ويقهر المستبد المستضعف.

ب – القوانين الكونية في خدمة الاستكبار العالمي

إن هذه القوانين الكونية التي يمجدها العالمانيون واليساريون والحداثيون والليبراليون هي في خدمة الاستكبار العالمي فهي تحقق لهم الهيمنة الكاملة على كل الثروات في جميع البلاد وتسمح لهم بالهجوم العسكري على أي أرض متى شاءوا وكيف شاءوا لغير سبب معتبر و يفسرون طغيانهم على أنه إنقاد للآخرين وتمتيع الأمم بالديمقراطية بالقهر والقتل والإبادة والأسلحة المحرمة. ويعزلون من لا يرونه في صالح أهدافهم ويتركون من يخدم أغراضهم، فهذه العولمة استمرار للاستعمار الصليبي لبلاد المسلمين وغيرهم التي كانت منذ حوالي أربعة قرون فهي تأصيل للاستعمار وفلسفة الاستبداد وتبرير القهر وغرس الذل وفرض التبعية بأساليب يحسبها الغر علوما نافعة وحلول ناجعة.

فالدول الضعيفة والفقيرة لا تستفيد شيئا من العولمة الحديثة ولا من القوانين الكونية بل بالعكس فهي تتضرر ضررا كبيرا وذلك بالغرق في الديون وفي جدولة هذه الديون ومعها الشروط المتعددة من كل الجوانب فيتمكن القوي من سحق الضعيف وتصبح الأمم المستضعفة أبقارا حلوبا وضيعا مملوكة في خدمة المستعمر.

وهذه الدول العظمى (الاستكبار العالمي) يقهر الدنيا كما يشاء وإذا وقع أي احتجاج أبطلوه بطاغوت الفيتو الذي لا معنى له بأي مقياس حضاري ليتسنى لهم أن يفعلوا ما يشاءون وإذا أرادوا قهر أمة اختلقوا من الأكاذيب ومرروها في مجلس الأمن الذي هو جزء من مخابرات الاستكبار العالمي فإذا تعذر فعلوا ما يشاءون دونما حسيب أو رقيب وقد استفاد الغرب من هذه العولمة في جميع المجالات استفادة كبرى مكنت له في المزيد من تحقيق أهدافه على حساب البلاد المستضعفة والأمم المقهورة فازداد طغيانا كبيرا وزاد الأمم ذلا حقيرا.

وإن تعجب فالعجب في أن المثقفين والباحثين والأكاديميين الغربيين يشنون حربا شعواء على العولمة وتخرج مظاهرات صاخبة في بلاد الغرب لأنهم يعتبرون العولمة مخالفة لكل القيم والأخلاق والأعراف الإنسانية في الوقت الذي يصيح أذناب الاستعمار بتمجيد العولمة والقوانين الكونية والمعاهدات الدولية وإذا نبهت هؤلاء إلى مفاسد العولمة ومخاطر القوانين الكونية ارغوا وأزبدوا ووصفوا الأبرار بكل الأوصاف القبيحة ونعتوهم بأشد النعوت الشريرة لأنهم لا علم لهم فيمنعهم من مناصرة أهل الباطل ولا خلق لهم فيجعلهم أهل شهامة ومروءة يأبون الذل ويستنكفون الصغار ولا إخلاص عندهم فيحاربون التبعية لعدوهم ولا أمانة عندهم فيتخلصون من العمالة وخدمة الاستكبار العالمي.

ج – شريعة الرحمن والقوانين الكونية

إن مطالبة العالمانيين واليساريين وكل قوى التي تسمي نفسها بالتقدمية إذ تريد من جعل القوانين الكونية والمعاهدات الدولية أصلا أصيلا ومرجعا قطعيا فهي تتعامل معنا على أننا أمة بدون حضارة ولا ثقافة ولا تاريخ ولا هوية وأننا شعوب ضائعة تحتاج إلى وصاية ورعاية وحماية وعناية وممن ؟؟؟ من عدو لذوذ أذاق الأمة وغيرها من الأمم المستضعفة الويلات والأزمات ولا يحسن غير القهر والاستبداد.

إننا أمة لها حضارة عظيمة وتاريخ مجيد وقد استفادت البشرية كلها من حضارة المسلمين وثقافتهم وقيمهم ومبادئهم مما يعترف به العقلاء ويشهد به الحكماء في كل زمان من الأزمنة و في كل بلاد من الدنيا.

فشريعة الرحمن فيها العدل كل العدل والحكمة تمام الحكمة والرحمة حقيقة الرحمة فكيف ندع هذه الشريعة العظيمة وأن نحتكم إلى القوانين المستبدة الجائرة التي يمليها العدو قهرا ليحقق أهدافه على حساب ثرواتنا وثقافتنا وأخلاقنا وأعرافنا؟

إن الغرب عاجز كل العجز أن يحقق أهدافا نبيلة وقيما رفيعة بين أبنائه وداخل أرضه فهم يعيشون التناقض والاضطراب والفتنة والفوضى.

فكيف ينقذ الغريق الغريق وكيف يعطي العاجز غيره ما يأمله ويبتغيه عنده؟ لعمري إن هذا لهو العجب العجاب والأمر المحير للألباب.

د – كيف السبيل إذا ناقضت القوانين الكونية شريعة الرحمن؟

أقول لهؤلاء العالمانيين واليساريين وأهمس في أذن جبهة ضمير إذا كانت هذه القوانين الكونية تناقض ما جاء في القرآن الكريم وتبيح المحرمات ولا تعتبر الزنا إلا ما كان على سبيل الاغتصاب وترى أن الربا ربح مشروع وأن الاختلاط بدون قيد أو شرط بل ترى الاباحية المطلقة والعري الفاضح والعلاقات المشبوهة والاتصالات المريبة وبيع لأجساد ومواخير الفساد والشذوذ والمثلية التي هي اللواط وكذلك السحاق وزنا المحارم بل ونكاح المحارم والإجهاض ومعاشرة الحيوانات كلها حقوق مشروعة لا ينازع فيها إلا أهل التطرف والإرهاب وأعداء الإنسانية كما يعتبرون الغيرة من الرجل على أهله حالة مرضية وأن الدياثة توازن في الشخصية فتساوى عندهم الأبناء الشرعيون والأبناء الطبيعيون وأصبح الحلال قسيما للحرام واختلط الحابل بالنابل فلا فرقان عندهم ولا ميزان.

فعيشهم كعيش الحيوان قد انطمس في واقعهم الإنسان وأصبح آلة صماء بكماء لا وازع ولا مانع ولا بصيرة ولا ضمير.

فكيف يقبل المسلم هذا السفول الذي تعده العولمة قداسة؟

وكيف يرضى أهل الإباء بهذه الحيوانية على حساب الكرامة الإنسانية؟

ولقد أصبح الدين عندهم أفيونا للشعوب قد تجاوزته البشرية وغدت قادرة بعولمتها أن تقيم قواعد كاملة للحياة الإنسانية بل إنها تعد الدين عائقا في وجه العولمة زاعمين أن هذا من حقوق الإنسان وأن حرمانه من هذه الحقوق بهذا المعنى يعد خرقا للمعاهدات الدولية المقدسة زعموا والقوانين الكونية التي هي أرقى من كل شيء على حد قولهم.

فإعلان الردة وسب الأنبياء والتنقيص منهم يعد عندهم من التعبير الحر في الوقت الذي يحرم فيه في هذه القوانين الكونية إنكار المحرقة _الهولوكوست _ ومس السامية والطعن في اليهود من الجرائم العظيمة وليس من التعبير الحر في شيء بل هو اعتداء على شعب الله المختار وما هو بشعب لله ولا هو مختار، بل مكنت القوانين الكونية والمعاهدات الدولية للصهيونية ومذابحها وقهرها للمستضعفين من أهل فلسطين وأخذها أراضيهم وسلبها حقوقهم بل الحصار مقنن والتجويع مشروع والقتل دفاع عن النفس والتسليح المخيف درع واق والعمل الدؤوب أناء الليل وأطراف النهار لحماية أمن الكيان الصهيوني الغاصب المعتدي. وأن كل المؤسسات العالمية التي هي رموز العولمة الحديثة فهي في خدمة الكيان الصهيوني والجنس الآري التي هي الشعوب الأوربية التي تعدها العولمة أرقى بني الإنسان.

فالقوانين الكونية بكل تناقضاتها مقدسة عند العالمانيين والشريعة المنزلة همجية واعتداء على حقوق الإنسان وحرمان للمرأة وهذا كله كلام عار عن الدليل متهافت عند التحقيق بعيد عن الموضوعية وقد شهد الشهود من أهلها على خراب العولمة وفساد القوانين الكونية والأرقام مخيفة والحوادث جسيمة والبقية تأتي وإن الأدلة على قداسة الشريعة وخدمتها للبلاد وصيانتها للعباد وتحقيقها للعدل ومساواتها بين الخلق لهي أمور معلومة في هذا الدين بالضرورة.

فهنا مفرق الطريق بين أهل شريعة الرحمن وأصحاب القوانين الكونية.

فنحن لا نبغي بالقرآن بديلا بالحجة والبرهان ولا نرضى بغير النبي محمد رسولا فهو أعظم إنسان وأنجح إنسان وأكبر إنسان بالدليل والبرهان.

وإننا نطالب البشرية جمعاء بالإتيان بمثل القرآن ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا بل بعشر سور من مثل القران بل بسورة واحدة ويعظم التحدي عندما نقول فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا ولن لنفي التأبيد كما نصرخ أمام العالمين بأن نقوم بمقارنة بين النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومن شئتم من البشر من أي أمة وفي أي زمان لنرى الثرى من الثريا وليعلم أعداء هذه الأمة أننا أمة لها هوية وخصائص وقيم وأصول وأن العالم بحاجة إلينا لنخرجه من ظلمات القوانين الكونية إلى أنوار الشريعة الربانية ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.

فنحن قوم نملك الحجة والدليل ونحاور بعلم وبينة ولا نرضى الذل والهوان ونبغي لأمتنا العزة ولا نرضخ للطغيان ولا نستبدل بشريعة الرحمن أقوال الرجال فكيف إذا كانت الأقوال أقوال أهل الفساد والطغيان ممن يريد بنا الذل والهوان.البقرة 61القلم 35-36الرعد 16غافر 44

ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه.

كتبه أبو عبد الرحمن عبد الحميد أبو النعيم غفر الله له ولوالديه والمسلمين الأحد غرة محرم الحرام سنة ست و ثلاثين وأربعمئة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم الموافق 26 أكتوبر 2014.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *