الرئيسية / مقالات / زيارة الشيخ لأبي إسحاق الحويني

زيارة الشيخ لأبي إسحاق الحويني

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه

الطلاق 2

البقرة 283

لقد زرت أبا إسحاق الحويني حفظه الله وبارك فيه في بيته بكفر الشيخ صحبة أحد الإخوة المغاربة وكان معنا في الرحلة ثلاث إخوة مصريين وقد رحب بنا الشيخ كثيرا وقضينا معه سبع ساعات متواليات وجدنا في الشيخ العالم الجليل والمربي الصدوق وصاحب الهمة العالية ورجل المواقف النبيلة وكان الحديث يدور حول مسائل الاعتقاد وكانت إجابات الشيخ على مذهب السنة والجماعة بفهم سلف الأمة من الصحابة والتابعين والأئمة الهداة المهديين وفي مسائل الحديث والأثر وهو فارسه المقدام.

فذكر نوادر فريدة ومسائل عميقة في فن الحديث وعلوم الأثر ثم خضنا مع هذا البحر الزاخر في مسائل السلوك والتربية فله الباع الطويل والدراية النافعة لا سيما وقد تعمق في كتب الرجال وسير الأئمة ثم ذكرنا مسائل في الفقه فهو صاحب دليل لا يقلد في دينه الرجال ولا يعول على الأقوال العارية عن الدليل آنى كان قائلها لأن الله تعبد الخلق بسلوك طريق الرسول عليه الصلاة والسلام حدو القذة بالقذة وقد ظل حياته ينافح عن السنة النبوية والتمسك بالهدي الرباني ثم بدأ الحديث في السياسة الشرعية وفي فقه الدعوة فكان كلام هذا الفارس المقدام والليث الضرغام على هدي النبي عليه السلام وبفقه سلف الأمة فتكلم عن بدعية التحزب وأنه فتنة كبيرة وفساد عريض فتدخل بعض الإخوة الحاضرين يذكرون محاسن الأحزاب ذات المرجعيات الإسلامية والمصالح والمفاسد والمؤامرات والأزمات لكن الشيخ حفظه الله ورعاه وبارك لنا فيه ظل على موقفه يبين وجه الحق.

ولما ختمنا المجلس وكان مباركا وبينما نحن عائدون في الطريق ذكر الإخوة المصريون أن هذا الموقف من الشيخ سيكون له آثار وخيمة على نشاطهم وعند وقت الظهر جاءنا إلى الفندق الشيخ شعبان درويش وهو شيخ فاضل أكرمنا وبالغ في إكرامنا وكنا على موعد معه وسجلنا معه لقاء فطلب منا الشريط الذي سجل مع الشيخ أبي إسحاق الحويني فذكرنا له أن الشريط يوجد عند الشيخ لأن آلتنا نحن المغاربة قد عطلت فلم يسجل إلا ذلك القدر الذي بث على اليوتيب وقال لنا إن شيوع موقف الشيخ الذي بلغني أنه ذكره لكم سيكون ضربة قاسمة للأحزاب ذات المرجعيات الإسلامية وللنشاط السياسي الذي تقوم به جهات تنسب إلى التيار الإسلامي وهذا واضح كل الوضوح وبين تمام البيان فنعوذ بالله من حسد الحاسدين وفتنة الفتانين والله المستعان.

أما تلك العبارات التي انتزعت من الشريط انتزاعا فقد ذكر فيها الشيخ مسألة الواقع أي أن الواقع لا يرتفع فيتكلم العالم عن الواقع بصرف النظر عن موافقته لأمور أو معارضته لأخرى كما ذكر مسألة الضرورة والضرورة تقدر بقدرها وأنها خلاف الأصل والضرورات تبيح المحظورات فكان الكلام على خلاف الأصل اضظرارا بناء على واقع معين وإلا فكلام الشيخ حفظه الله وبارك لنا فيه خلال تلك الليلة كلها إبطالا لأساليب الحزبيين وانتقادا لطرائق الحركيين وأنهم بدلوا وغيروا فنصح للمسلمين وبين الحق المبين فأثلج صدورنا وأحيا قلوبنا وحقق لنا ما ابتغيناه في تلك الرحلة المباركة وكان بعضهم حاضرا سمع بأذنه وبلغ الشاهد الغائب.

هذه شهادة الحق لا نريد من ذلك جزاء ولا شكورا ولا نساير من أراد في الأرض علوا ولا فسادا ولكن حتى لا يذكر الشيخ بسوء ولا ينسب إليه الباطل بغير الحق

الحج 38

وأضيف لهذه الشهادة من القرائن الساطعة والبينات الواضحة أن كل من تتبع حياة الشيخ العلمية يجده حفظه الله وبارك لنا فيه لم يشهد قط مظاهرات ولا نزل إلى ميدان التحرير ولا أعان على شيء من ذلك البتة بل سكت طويلا ولما تكلم ذكر حفظه الله وبارك لنا فيه أنه يجد مرارة تمزق فؤاده وأنه غير مرتاح لهذه الفلتة التي لا يوجد الصديق
رضي الله عنه لإخراج الناس من نفقها المظلم وقد كرر هذا الكلام مرارا وأنها فلتة لا يعلم إلا الله ما ستؤدي إليه من مصائب وكوارث ثم كان حفظه الله في غاية الوضوح الشرعي وأداء لواجب العلم فجزاه الله عن السنة والحديث خير الجزاء وتقبل الله مواقفه المباركة إن الله ولي ذلك والقادر عليه

وإن المتتبع لدروس الشيخ وخطبه ومواعظه ومحاضراته في الفضائيات وما صنف وما كتب يجد هذا الإمام العلم مفخرة للحق وأهله وعنوانا للسنة علما وعملا فقد أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ونصح للأمة وغضب لله ونافح عن النبي عليه الصلاة والسلام كلما تجرأ زنديق أو تكلم مرتد ثم كان موقفه واضحا من الحزبية والحركية والفتن
ما ظهر منها وما بطن فعندما تكلم عن الإنتخابات وبين بطلانها ونصح أهل العلم بأن يجتنبوا ذلك كله وأن لا يترشحوا تكريما للعلم ورفعة للعلماء فذكر مسألة الضرورة التي يومئ إليها من انتزع الكلام عن سياقه ولم يربطه بأصول هذا الإمام وقواعده ومنهجه الذي عاشه خلال حياته الدعوية فالضرورة التي أرادها الشيخ قد فصلها في دروس فقال حفظه الله وبارك لنا فيه إن الإنسان إذا خير بين شاة ميتة وشاة أخرى إضافة إلى موتها كانت كريهة الرائحة وهو مضطر أيهما سيختار قال لا شك أنه سيختار التي ليست فيها الروائح الكريهة من باب درء المفسدة الأكبر بالمفسدة الأصغر وإلا فالميتة حرام في كل صورها وأشكالها.

وقد تتبعنا أشرطة الشيخ ودروسه ومحاضراته فما وجدنا إلا الحق المبين والصراط المستقيم والتمسك بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وأنه حريص ذلك غاية الحرص نحسبه والله حسيبه فنسأل الله أن يكمل مسيرته بسلام وأن يزيده علما نافعا وعملا صالحا وأن ينفع الله به المسلمين في الدنيا والآخرة فهو الجواد الكريم.

وفي الختام أهمس بين يدي الشيخ بكل أدب قائلا قد سبقتك أيها الإمام قوافل الأباة من العلماء العاملين والفقهاء الصادقين وقد أمتحنوا امتحانات شديدة وابتلو بلاء عظيما من قبل الطغاة المفسدين والعلماء المبتدعين والأقران المنافسين وغيرهم من أهل الفتنة والفساد فما زادهم ذلك إلا تمسكا بما ورثوه عن أئمة الهدى ومصابيح الدجى وإن هذا البلاء يزيد العلماء ثباتا و رفعة وعلو مقام ومقعد صدق في الدنيا والآخرة.

بارك الله لنا فيكم أبا إسحاق وحفظكم الله ورعاكم ورفع درجاتكم في الدنيا والآخرة أمين أمين أمين

و صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه ومن سلك مسلكه واقتفى أثره نسأل الله أن يجعلنا منهم بمنه وكرمه .

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
حسبي الله ونعم الوكيل
وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .

كتبه أبو عبد الرحمان عبد الحميد أبو النعيم غفر الله له ولوالديه والمسلمين ليلة الأحد السابع والعشرين من ذي الحجة عام ست وثلاثين وأربعمئة وألف بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الموافق 11أكتوبر 2015م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *