الرئيسية / مقالات / سلسلة السلفية / السلفية 12 : السلفية والمذهبية – الجزء 1

السلفية 12 : السلفية والمذهبية – الجزء 1

السلفية والمذهب المالكي نموذجا

لم يكن زمن النبي ﺻﻠﻰ ﷲ عليه وسلم وﻻ زمن الخلفاء الراشدين وﻻ أيام الصحابة الكرام وﻻ التابعين لهم بإحسان التزاما لمذهب من المذاهب الفقهية اﻷربعة أو غيرها من المذاهب الفقهية المعتبرة عند أهل السنة والجماعة، وهذا أمر مقطوع به، وإنما حدث ذلك بعد قرون من بعثة النبي ﺻﻠﻰ ﷲ عليه وسلم عندما توسعت اﻷمة توسعا شديدا، وامتزجت بأمم أخرى وحضارات متعددة وجدﱠت قضايا وكثرت نوازل وظهرت أهواء وبدع.

ولقد كان لظهور المذاهب الفقهية أسباب كثيرة منها ما هو معتبر ومنها ما ﻻ نصيب له من اﻻعتبار، وحتى ندرك سبب ذلك يجب أن نعرف التطور الذي تسبب في ظهور هذه المذاهب، ﺛم كيف اشتط بأهلها الأمر، ﺛم غدت تعصبا مقيتا ﺛم جمودا وانحطاطا، ﺛم آل بهم اﻷمر إلى التمذهب السياسي وتسييس المذهب مما جعلها أدوات للمفسدين في اﻷرض، يستغلون ذلك للباطل الصراح الذي جرَّأ أهل اﻹلحاد والزندقة للطعن في الكتاب الكريم والسنة المطهرة على أنها مجرد سياسة  يتلاعب بها أهل الفساد في اﻷرض، لكن الحقيقة أن ما حصل من تسييس للمذهب أو التمذهب السياسي هو ناتج عن التعصب المذهبي المقيت، أما الشريعة فهي أعظم من أن تسيس وأكبر من أن تكون دمية في أيدي المفسدين في اﻷرض، بل الشريعة تأمر الخلق جميعا كبارا وصغارا، رعاة ورعية، سادة وخدما، تأمرهم جميعا بالمعروف وتنهاهم عن المنكر، وتأخذ على يد الظالم وتحقق العدل وتساوي بين الخلق في الحقوق والواجبات.

وسنذكر التطورات التاريخية لهذا التمذهب إلى أن آل إلى ما هو عليه من تعصب مذهبي مقيت، ﺛم إلى التمذهب السياسي، وهذا كله على خلاف الحنيفية السمحة التي بعث ﷲ بها نبيه الكريم ورسوله اﻷمين ﺻﻠﻰ ﷲ عليه وآله وسلم. ﻓالسنة النبوية والشريعة المحمدية تتبرأ من هذه اﻻنحراﻓات وتفند هذه الضلاﻻت حتى يعلم الناس أن أﺻل التعصب المذهبي بدعة وضلالة، وأن نتيجته مرة وهي تسييس المذهب والتمذهب السياسي الذي يناقض الحق الذي هو كتاب ﷲ عز وجل وهدي النبي ﷴ ﺻﻠﻰ ﷲ عليه وسلم مناقضة تامة من جميع الوجوه.

وسنلاحظ من خلال التحوﻻت الزمنية كيف كان السلف الصالح يتمسكون بالكتاب والسنة والفهم السليم والفقه الدقيق من غير مذاهب وﻻ تفرق، وإنما اﻻختلاف المعتبر الذي ينبني على اﻻجتهاد الصحيح، ولم يستطع أحد البتة مهما علت درجته أن يستغل الدين لمآربه الشخصية أو مصالحه الذاتية، بل كان الكل سواء أمام الشرع الحنيف. وإذا كان ﺛمة مرضى للقلوب سواء كانوا كبارا أو صغارا ﻓكانوا يناﻓقون اﻷمة ويتظاهرون بالتقوى، أما أن يجرأ عبد على التلاعب والمراوغات واستغلال الحق للباطل ﻓقد كان هذا اﻷمر مستحيلا زمن السلف الصالح. ﺛم تحولت اﻷمة بعد أزمنة الخير إلى ﻓتن هوجاء وضلاﻻت عمياء حيث غلا الناس في التعصب المذهبي غلوا ينافي مقاﺻد العلم ومرامي الفقه وأهداف الرسالة، حيث أﺻحبت تجد في التعصب المذهبي كل شيء إﻻ العلم النافع والعمل الصالح وﷲ المستعان.  وفي الختام نجد كيف تلاعب المفسدون في اﻷرض من أهل الدنيا إذ استغلوا التعصب المذهبي للباطل ونسبوه إلى الحق زورا وبهتانا، ﻷنهم وجدوه مرتعا للفتنة والفرقة والتناقض واﻷهواء والعبث، وهي المستنقعات التي يجد ﻓيها المفسدون في اﻷرض بغيتهم ويحققون في ظﻠماتها أهدافهم. أما شريعة الرحمن فهي راية عباد ﷲ المخلصين الذين ليس للشيطان وﻻ لجنوده عليهم من سبيل، قال ﷲ تعالى:الحجر 42

أوﻻ: زمن التشريع

لما بعث ﷲ نبيه ﷴا ﺻﻠﻰ ﷲ عليه وعلى آله وسلم، كان ﷴ بن عبد ﷲ ﺻﻠﻰ ﷲ عليه وسلم النبي اﻷعظم واﻹمام اﻷكرم والقاضي الحق والمفتي اﻷكبر والمعلم اﻷوحد والمربي اﻷﺻدق، ﻓكان أﺻحابه رضوان ﷲ عليهم يرجعون إليه في أمور دينهم ودنياهم، وكانوا ﻻ يقدمون بين يدي ﷲ ورسوله، وﻻ يفعلون شيئا حتى يعلموا حكم ﷲ ﻓيه، وكانوا يمتثلون أمره بتمام الرضى وﻻ يجد أحدهم في ﺻدره حرجا ويسلموا تسليما، فهذا الزمن الذي هو زمن التشريع كانت المرجعية الشرعية بكل ﺻورها وأشكالها خاصة بالنبي ﷴ ﺻﻠﻰ ﷲ عليه وسلم، ولهذا إذا وردت بعض اﻷحاديث النبوية التي جاء ما ينسخها أو يخصصها أو يقيدها يجب مراعاة ذلك، ﻓمن ذلك أنه قال ﻷبي طالب قل ﻻ إله إﻻ ﷲ أحاج لك بها عند ﷲ، فهذا كان قبل نزول اﻷحكام من وجوب الواجبات وحرمة المحرمات ﻷن أبا طالب مات قبل اﻹسراء الذي ﻓرضت ﻓيه الصلوات الخمس وغيرها من اﻷحكام الشرعية كما أنه ﺻﻠﻰ العصر يوم اﻷحزاب بعد غروب الشمس ﻷنه لم يكن يومئذ قد شرعت ﺻﻼة الخوف، وقد كان في يوم أحد يبدو من الصحابيات من شعورهن أو سوقهن ﻓﻠم تكن آية الحجاب نزلت ﻷنها نزلت بعد غزوة اﻷحزاب، وأم أسيد التي كانت عروسا وأدخلت الطعام إلى النبي وﺻحبه كان هذا قبل غزوة بدر، وأسيد هذا كان من صغار أﺻحاب النبي ﺻﻠﻰ ﷲ عليه وسلم، وقد أذن بالبكاء على حمزة قبل تحريم النياحة، وقوله عليه الصلاة والسلام “أﻓلح وأبيه إن ﺻدق” كان قبل النهي عن الحلف باﻵباء، كما كان الصحابة يتكلمون في الصلاة حتى نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك، وقد أعطﻰ النبي عليه الصلاة والسلام ﻷحد الصحابة خاتما من ذهب، بل وضعه بيده الكريمة في يد الصحابي وﻻ شك أن هذا كان قبل تحريم الذهب على الرجال وأبى ذلك الصحابي إزالة ذلك الخاتم وكان يقول وضعه النبي ﺻﻠﻰ ﷲ عليه وسلم بيده الكريمة في يدي.

والذين يحتجون بالعديد من النصوص الصحيحة التي كانت زمن التشريع وﻻ يراعون الناسخ والمخصص والمقيد يسيئون إلى ﻓقه السنة النبوية إساءة شديدة. وقبل تحريم الخمر قال حمزة بن عبد المطﻠب رضي ﷲ عنه للنبي عليه الصلاة والسلام ولعلي ابن أبي طالب إنما أنتما عبيد ﻷبي،  وﻻ شك أن هذا الكلام قبيح واﻹساءة إلى النبي ﺻﻠﻰ ﷲ عليه وسلم ناقض من نواقض اﻹيمان، لكن حمزة رضي ﷲ عنه مات قبل تحريم الخمر، وغياب العقل بأمر مباح هو مانع من موانع التكفير.

ﻓالذين يتبعون المتشابه ويدعون المحكم ممن زاغت قلوبهم وعميت أفهامهم، تنقلب عليهم اﻷمور ﻓيرون النور ظﻼما والظﻼم نورا قال ﷲ تعالى:ال عمران 7-2

ﻓﻠم يكن في زمن النبي عليه الصلاة والسلام مذهب من المذاهب وﻻ إمام له أﺻول وقواعد، ولم يكن هناك اختلاف بين المجتهدين، ولم تكن هناك مدارس ﻓقهية متعددة، وهذا أمر مقطوع به ﻻ يجادل ﻓيه إﻻ من أعمى ﷲ بصيرته، وأراد أن يحرف الكلم عن مواضعه، وأخذ مسائل جزئية أراد بها هدم أﺻول كلية وبهذا غضب ﷲ على اليهود غضبا شديدا وأضل النصارى ضلاﻻ بعيدا، وهذا هو اﻷﺻل في الفقه الكتاب الكريم والسنة المطهرة وﻓقه السلف الصالح واﻹجماع المتيقن فهذا هو الفقه السديد والفهم الرشيد ﻻ ﻓرقة ﻓيه وﻻ تنازع وﻻ اختلاف وﻻ عداوة وﻻ بغضاء وإنما الفقه والحكمة واﻻجتماع والقوة إﻻ أن يكون يسيرا ﻻ يعود على اﻷﺻل بالتفرق والتشيع والفتنة والفساد في اﻷرض.

إذا ﻓمن المقطوع به زمن النبوة أنه لم يكن ﺛمة مذاهب وﻻ مدارس وﻻ مرجعيات ﻓقهية وﻻ اجتهادات متعددة إنما كان قول ﷲ وقول نبيه ﷴ ﺻﻠﻰ ﷲ عليه وسلم وفهم الصحابة وعمل الراشدين الذي هو تطبيق عملي للكتاب والسنة لم يبتدعوا ولم يغيروا وإنما سلكوا مسلك النبي ﺻﻠﻰ ﷲ عليه وآله وسلم حذو القذة بالقذة، وهذا هو المطﻠوب الشرعي أن تظل اﻷمة أمة واحدة ﻻ تختلف ﻓتختلف القلوب وﻻ تنازعوا ﻓتفشلوا وتذهب ريحكم، ﻓاﻷﺻل في الخلاف أنه مذموم، أما اﻻختلاف إذا كان معتبرا ودلت عليه اﻷدلة ولم يؤد إلى مفاسد واﻓتراق ﻓقد يكون في بعض اﻷحيان نافعا للناس ورحمة للخلق وتنويرا للعقول وتنمية للملكات وﻻ يجوز اتخاذ هذه اﻻستثناءات ذريعة لتسويغ الخلاف المحرم واﻻﻓتراق المذموم، وقد جعل ﷲ لكل شيء قدرا.

ثانيا: الفقه الدقيق والعلم النافع أيام الخلفاء الراشدين

في زمن الخلافة الراشدة أيام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي ﷲ عنهم لم تكن هناك مذاهب ﻓقهية وﻻ أﺻول وقواعد لرجال معينين، إنما طبق الخلفاء الراشدون شريعة الرحمن فعملوا بالكتاب والسنة واجتهدوا اﻻجتهاد المعتبر في فهم النصوص، وما أبرموه بعد مشاورة الصحابة وكتبوا به إلى اﻷمصار أﺻبح سنة للخلفاء الراشدين يقضي به القضاة ويفتي به أهل الفتوى من أهل العلم الذين توﻓرت ﻓيهم شروط اﻻجتهاد، قال النبي ﺻﻠﻰ ﷲ عليه وسلم :“عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين بعدي عضوا عليها بالنواجذ” رواه الترمذي وغيره من أصحاب السنن من حديث العرباض بن سارية.

ﻓسنة الخلفاء الراشدين المهديين ليست سنة مستقلة، وإنما هي عمل بالكتاب والسنة وﻓقه للكتاب والسنة وإجماع متيقن من أهل الحل والعقد ممن عاﺻروا التنزيل وهم أعلم الخلق بالتأويل واجتهاد ﻓيما ﻻ نص ﻓيه ببناء الفروع على اﻷﺻول بما يواﻓق الكتاب والسنة باﻷﺻول الصحيحة والقواعد المتينة حتى غدا فهمهم للكتاب والسنة هو الحق ﻷنه الفهم المعتبر وﻓقههم هو الفقه الصدق ﻷنه من مشكاة النبوة، فهي ﺛروة عظيمة وﻓقه واسع واجتهاد دقيق للكتاب الكريم والسنة المطهرة، وما حصل من علوم مباركة أيام الراشدين سواء من الخلفاء أومن كبار الصحابة فهذا هو فهم السلف وﻓقه الصحابة للدين، وهذا هو مراد اﻷئمة والفقهاء من إضافة هذا القيد وهو ﻓقه السلف للكتاب والسنة وأنه يحرم معارضته بأقوال الرجال وفهوم أهل البدع وجهاﻻت أﺻحاب الفلسفة وأساطير الدجالين مما يخالف الحق، أما إذا أضاف أهل العلم وأئمة اﻻجتهاد من الفهوم السليمة والعلوم النافعة ما ﻻ يصادم فهم الصحابة والتابعين ﻓذاك نور على نور يهدي ﷲ لنوره من يشاء، ﻓنحن نعيب غاية العيب عمن يخالف فهم السلف بأقوال الرجال العارية عن الدليل أو بالفهوم العقلية اليونانية أو بالسياسات البشرية المخالفة للشريعة أو بالبرامج والمناهج البشرية الصرفة التي تضاد اﻹيمان وتناقض التوحيد، ﻷنه يستحيل بداهة في هذه الشريعة المعظمة أن يمزج الحق بالباطل أو أن يعانق الظﻼم النور، قال ﷲ تعالى:الإسراء 84

وقد ضل اليهود والنصارى ﻷنهم يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون.

ﻓالخلفاء الراشدون هم الذين جمعوا القرآن الكريم جمعا متقنا برعاية رﻓيعة وعناية دقيقة، وهم الذين جمعوا الناس على مصحف إمام لتظل اﻷمة مجتمعة على الحق المبين، وهم الذين أحيوا السنن النبوية التي كانت خفية ﻓجعلوها ظاهرة كما في ﺻحيح مسلم من حديث جابر بن عبد ﷲ قال : “كنا نستمتع بالنساء حتى نهانا عمر”، والمقصود أن عمر أظهر هذه السنة النبوية التي كانت خفية أي عند الرجل والرجلين، ﻓينسب النهي إلى عمر على سبيل إظهار السنة، أما النبي عليه الصلاة والسلام فهو الذي أنشأ الحكم، ومن سنن الراشدين ما يعد إجماعا عندما يجمع له الخليفة الراشد أهل العلم من الصحابة ويرسل به إلى الأمصار ويغدوا حكما شرعيا أساسه اﻹجماع، وﻻ يختلف الناس حتى من يجادل في حجية اﻹجماع في أن إجماع الصحابة حجة قطعية لكمال علمهم ودقة فهمهم وأنهم عاشوا التنزيل وﻓقهوا التأويل وأخذوا النور من منبع الهداية ومعدن الرسالة ﺻﻠﻰ ﷲ عليه وسلم، أما قول الواحد منهم أي الخلفاء اﻷربعة إذا لم تتوﻓر ﻓيه شروط سنة الراشدين فهو قول ﺻحابي إذا لم يخالف حديثا مرﻓوعا أو لم يخالف غيره من الصحابة وكذلك اﻷمر بالنسبة للصحابة جميعا سواء السابقين اﻷولين أو غيرهم من الصحابة الكرام، ﻓمذهب الصحابي في هذه الصورة حجة عند جماهير الفقهاء وهذه من المزايا التي انفرد بها الصحابة على غيرهم من المسلمين ولهم خصائص وﻓضائل تميزوا بها عن غيرهم، ومن ﺛم ﻓﻼ يجوز ﻷحد غيرهم من التابعين ومن جاء بعدهم أن يكون قوله حجة البتة اتفاقا قال ﷲ تعالى:التوبة 101

ﻓﻠم يكن في زمن الصحابة مذاهب ﻓقهية وﻻ أﺻول لمدارس وﻻ قواعد لرجال إنما كانت اجتهادات بين أهل الشأن يستدلون على أقوالهم باﻷدلة الشرعية، وﻓرق شاسع بين اﻷمر البسيط وبين اﻷمر المركب كما ظهر في أزمنة أخذت ﻓيها المذهبية طابعا معينا ﺛم تطورت تطورا شنيعا حتى أﺻبحت تعرف بالتعصب المذهبي، ﺛم اشتد اﻷمر في آخر الزمان ﻓأﺻبحت المذهبية أمرا سياسيا خالف أﺻحابها الشرع الحنيف وإمام المذهب بل وخالفوا المذهب وقالوا على ﷲ بغير علم وﻻ هدى وﻻ كتاب منير، ﻓأﺻبحوا يدعون إلى مصالحهم الدنيوية بالهوى والتحريف والتبديل والفتنة ﻓﻼ الشريعة التزموا بل وﻻ بالمذاهب تمسكوا، ﻓضرب ﷲ قلوب بعضهم ببعض أوﻻ يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ﺛم ﻻ يتوبون وﻻ هم يذكرون.

ﻓاﻻستدﻻل باﻻختلاف بين الصحابة على المذهبية تزوير للحقائق وقلب للمعاني، ﻓاجتهاد أهل الحق من الصحابة والتابعين ليس مذهبية ﻓضلا عن أن تكون تعصبا مذهبيا بله العبث بالمذهبية السياسية، بل هو العلم والفهم واﻻجتهاد السليم، ﻓالصحابة والتابعون لهم بإحسان هم أهل اللغة والبيان، والفهم واﻹدراك والعلم الغزير والفقه العميق ولم يعرف عندهم تمذهب وﻻ التفاف حول إمام وﻻ تعصب لرجال وإنما يدورون مع الدليل حيث دار، ويعضون على الحجة الشرعية بالنواجد، فهم بين اﻷجر واﻷجرين ﻷنهم أئمة مجتهدون وﻓقهاء راسخون، ﻓكان زمانهم زمان الخير وأيامهم أيام العلم ونفع ﷲ بهم نفعا عظيما وكانوا أعزة بالحق أشداء في نصرة الشرع ومن لم يجعل ﷲ له نورا ﻓما له من نور.

و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و آله و صحبه و من سلك مسلكه و اقتفى أثره نسأل الله أن يجعلنا منهم بمنه و كرمه.
و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم
حسبي الله نعم الوكيل
و أفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد
إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب

كتبه أبوعبد الرحمان عبد الحميد أبو النعيم غفر الله له ولوالديه والمسلمين ليلة الخميس السادس عشر من شهر شوال عام سبع وثلاثين وأربعمئة وألف بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الموافق 21 يوليوز 2016م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *