الرئيسية / مقالات / سلسلة السلفية / السلفية 03 : رجالات الدعوة السلفية

السلفية 03 : رجالات الدعوة السلفية

اليوم نتحدث عن رجالات السلفية عبر تاريخ هذه الدعوة المباركة وهم النموذج العملي والمثال الملموس حتى لا يدعي أحد وصلا بليلى.

أما رجالات السلفية الأوائل فهم الصحابة الكرام والتابعون لهم بإحسان فقد عاشوا نزول الوحي وأسباب النزول والتطبيقات العملية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في سننه القولية والفعلية والتقريرية كما فقهوا التصرفات النبوية بالإمامة والقضاء والتشريع ويميزون بين الخصائص النبوية وما كان شرعا عاما ويعلمون الفرق بين العادات والعبادات وعاشوا الشريعة مطبقة في واقع الناس سواء في زمن النبوة أو أيام الخلفاء الراشدين.

والصحابة الكرام ليسوا أقواما صالحين زهادا عبادا مجاهدين مباركين فقط كما يود أن يصورهم العديد ممن ابتعد عن منهج السلف الصالح في العلم النافع والفقه الدقيق بل الصحابة إضافة إلى كل خصال الخير وأذاب الاستقامة وروح الجهاد والغوص في التربية، هم علماء فقهاء يعلمون أسرار التشريع ويفقهون مراد الله ومراد رسوله في الفقه والفهم والاستنباط والاجتهاد ومعرفة مقاصد الشريعة واستيعاب أصول الفقه بالسليقة لأنهم عرب خلص يعرفون العربية بالسليقة والفقه بالسجية والعلم بالبداهة والقضاء بالحكمة.

فمن ظن من الناس أن القراء السبعة أقرأ من أبي بن كعب أو الفقهاء الأربعة أفقه من عبد الله بن مسعود أو نحاة البصرة والكوفة أعلم بالعربية من الصديق أو أن أهل الأصول أعمق في العلم من الفاروق أو أن من جاء بعد الصحابة هم أعلم بالله وبدينه وبكتابه وبسنة نبيه من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، فمن ظن شيئا من ذلك فهو أضل من بعير أهله.

أما قول النبي عليه الصلاة والسلام “رب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه”… فهذه مسائل جزئية تتعلق برجل أو رجلين وليست مسألة كلية تتعلق بجيل مع جيل فهذا أمر محال و يترتب عليه من المفاسد ما يرجع على الأصول بالإبطال.

وكذلك قول القائل كم ترك الأول للآخر فقد يأتي المتأخر في مسألة جزئية بشيء مفيد أو بأمر رفيع لكن على المستوى الكلي هيهات هيهات أن يكون الثرى كالثريا أو أن يشبه الحدادون الملائكة.

نقل هذا الجيل من الصحابة الكرام العلم إلى التابعين لهم بإحسان فعَلموهم القرآن تنزيلا وتأويلا وفقَّهوهم في السنة رواية ودراية ورعاية وهداية وكان كل من فقهاء الصحابة إماما لمصر عظيم من أمصار المسلمين، فتتلمذ على أيديهم جيل من خيار التابعين وعظمائهم وفقهائهم وقرائهم وأئمة اللغة والبيان وأساطين الشعر والحكمة ما جعل أئمة التابعين هداة مهتدين، فكان بالمدينة تلامذة الصحابة من الفقهاء السبعة وهم شيوخ شيوخ مالك بن أنس وكان بالكوفة تلامذة علي ابن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وهم علقمة والأسود ويزيد النخعيون، وجاء بعدهم إبراهيم النخعي وهم بيت واحد أصلهم من اليمن وكان الشعبي يقول وهو إمام من أئمة الحديث عن هذا البيت المبارك أنه بيت من أهل الجنة وهؤلاء هم شيوخ شيوخ سفيان الثوري وأبي حنيفة النعمان وغيرهم من فقهاء الكوفة وطاف الشافعي في البلاد فأخد عن جمهرة من تلامذة التابعين واستقر به المطاف في أرض الكنانة وهي مصر، وأحمد بن حنبل تتلمذ في بغداد على الأساطين ممن أخدوا العلم عن الأكابر ممن ورثوا عن التابعين الأخيار تلامذة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالمنة من الصحابة والتابعين على من جاء بعدهم والناس عيال عليهم ومن علا كعبه، فالسبب هم الصحابة والتابعون ومن بزغ نجمه، فمن أنوار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان.

وإذا وقع النزاع في أصول الاعتقاد مع الروافض والخوارج والمرجئة والقدرية كان فهم السلف وفقه الصحابة والتابعين وعلم الأئمة الهداة المهتدين هو المرجع الفاصل في بيان الحق ودحض الباطل. الإسراء 81الأنبياء 18

وإذا اشتد الخلاف بين علماء السنة وجب الرجوع إلى الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين ومن سلك مسلكهم من أهل الحق.النساء 59النساء 80

لكن أهل الزيغ والإلحاد من أصحاب الأهواء والبدع الذين خرجوا عن جماعة المسلمين وبدلوا وغيروا فهم لا يَمثثلون لكتاب الله ولا لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

وبعض أهل السنة والجماعة ممن تأثر بأصحاب الأهواء والبدع، فقد أثرت فيه هذه السموم القاتلة فقدَّم أقوال الرجال العارية عن الدليل على النص المعصوم.النساء 61-62

يصدون عن أصول الاعتقاد الصحيح الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم المنقول عن الصحابة والتابعين بإحسان بالأهواء والبدع ويحلفون أنهم أرادوا الإحسان والتوفيق وإنما هو الخلط والتخبيط.البقرة 42

فالصحابة رضوان الله عليهم وقفوا في وجه الشيعة والخوارج والقدرية والمرجئة وبينوا باطلهم وتبرؤوا منهم وأكدوا على أن الحق هو ما تعلموه من النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ووقف التابعون في وجه المعتزلة فتبرأ منهم أبان ظهورهم الحسن البصري، ولما أصبح للمعتزلة دولة قائمة أيام العباسيين وكانت لهم قوة فأرادوا إخضاع الأمة إلى زيغ أهل الاعتزال وبطلان أصحاب الفساد.

((( كان المسلمون أمة واحدة وعقيدتهم صحيحة وصافية من معين النبوة حتى وقعت الفتنة الكبرى وقتل عثمان رضي الله عنه مظلومًا شهيدًا، فتفرقت الكلمة وظهرت الشرور وتمت وقعة الجمل ثم صفين وبدأت البدع في الظهور، وحدث أول انحراف في تاريخ العقيدة الإسلامية بظهور فرقة الخوارج التي كفرت الصحابة خير الناس، ثم أخذت زاوية الانحراف في الانفراج فظهرت فرقة الروافض، وكلما ظهرت فرقة مبتدعة ظهرت في المقابل لها وعلى النقيض منها فرقة أخرى، الأولى تغالي والأخرى تعادي، فكما ظهرت الخوارج ظهرت فرقة المرجئة التي أخرت العمل وقالت إن الإيمان هو مجرد التصديق فقط، فجعلت إيمان أفجر الخلق كإيمان أتقاهم، وكما ظهرت الروافض ظهرت النواصب، وكما ظهرت فرقة القدرية نفاة القدر ظهرت فرقة الجبرية التي تنفي أي اختيار وإرادة للإنسان، وكما ظهرت فرقة المعتزلة والجهمية نفاة الصفات ظهرت فرقة المجسمة الذين يشبهون صفات الخالق بالمخلوق، ولكن كل هذه الفرق الضالة كانت مقهورة بسيف الشرع وقوة السنة وسلطان الدولة الأموية ثم العباسية، وكثير من رءوس البدعة قد قتل بسيف الحق مثل الجعد بن درهم رائد التعطيل والجهم بن صفوان رائد القدرية والمغيرة بن سعيد وغيرهم، وقد ظل المبتدعون في جحر ضب مختفين بضلالهم، لا يرفع أحد منهم رأسًا ببدعة أو بضلالة حتى ولي المأمون العباسي وكان محبًا للعلوم العقلية وكلام الفلاسفة الأوائل، فبنى دارًا لترجمة كتب فلاسفة اليونان وأسماها بيت الحكمة، فأخذت أفاعي البدع تخرج من جحورها وأخذت في التسلل بنعومة إلى بلاط المأمون ثم التفت حول عقله ولعبت به ونفثت سموم الاعتزال في رأسه، ونفق عليه رجال من عينة بشر المريسي الذي كان هاربًا أيام أبيه الرشيد الذي كان يتطلبه بشدة ليقتله ببدعته، وأحمد بن أبي دؤاد رأس الفتنة ومسعرها، وأبي الهذيل العلاف وثمامة بن أشرس وغيرهم، حتى مال المأمون لقولهم واعتنق مذهب الاعتزال والذي يقوم على عدة أصول وهي:

1ـ نفي الصفات وتعطيلها، وأبرز معالم نفي الصفات القول بأن القرآن مخلوق.
2ـ نفي القدر وأن العباد هم خالقو أفعالهم.
3ـ القول بالمنزلة بين المنزلتين بالنسبة لمرتكب الكبيرة.
4ـ الوعد والوعيد، ومعناه تخليد مرتكب الكبيرة في النار وإيجاب دخول المؤمن الجنة على الله.
5ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومعناه الخروج على ولاة الأمور بالسلاح.

ظل المأمون معتنقًا لهذه العقيدة الضالة ولا يجبر أحدًا على اعتناقها ويتردد ويراقب الشيوخ والعلماء والمحدثين وهو يخشى مكانتهم وتأثيرهم على جماهير المسلمين، وفي نفس الوقت يحاول استمالة من يقدر على استمالته منهم، فلما رأى إعراض العلماء عن القول ببدعته زين له أحمد بن أبي دؤاد وبشر المريسي أن يجبر العلماء وذلك بقوة الدولة وحد التهديد والوعيد، وبالفعل سنة 218هـ أمر المأمون العباسي قائد شرطة بغداد العاصمة «إسحاق بن إبراهيم» بأن يجمع كبار الفقهاء والعلماء والمحدثين ويمتحنهم في القول بخلق القرآن، وقرأ عليهم كتاب المأمون الذي يفيض بالتهديد والوعيد وقطع الأرزاق والعزل من المناصب لمن يرفض القول بخلق القرآن، ومن يومها بدأت فصول المحنة العظمى التي تحمل الإمام أحمد بن حنبل وحده عبأها والوقوف في وجه أربابها ودعاتها. )))
(( شريف عبد العزيز // مفكرة الاسلام ))

فقام إمام عظيم من أئمة الإسلام وهو الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني لنصرة مذهب السلف الصالح في أصول الاعتقاد وجرت مناظرة عظيمة في العشر الأواخر في رمضان سنة 221 هـ بعد أن قضى رحمه الله سنتين وأربعة أشهر سجنا، فهذا الإمام من رجالات الدعوة السلفية ونصرة مذاهب الصحابة والتابعين في إحقاق الحق وإزهاق الباطل، فتميز به مذهب السلف في إثبات الصفات إثباتا بلا تمثيل، وتنزيها بلا تعطيل، وأن نؤمن بالمعاني وأن نوكل الكيفيات إلى الباري سبحانه وتعالى، وبأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدا بلا كيفية قولا، وإليه يعود، فتميز مذهب السلف بهذا الإمام العظيم وصنفت في ذلك المصنفات الشهيرة وكتبت الكتابات المباركة وانقرض قول أهل الباطل ودُمغ بالحجج الباطلة والبينات الساطعة.

وسلك مسلك هذا الإمام العظيم أئمة الحديث وفقهاء الأثر وجهابدة الرواية وأساطين أهل الدليل الذين يسلكون مسلك سلف الأمة وأئمتها حذو القذة بالقذة.

فأئمة الحديث لم يبدلوا ولم يغيروا وورثوا علم السنة في العقائد والفقه والسلوك كما كان عليه الصحابة الكرام والتابعون لهم بإحسان، فلم يتأثروا بعواصف الفكر اليوناني ولا إسرائليات اليهود والنصارى ولا غنوصية أهل فارس واشراقيتهم ولا قوانين أهل الرومان ولا جاهلية أهل العرب ولا أي مؤثر من المؤثرات الأجنبية التي كان لها النصيب الأوفر في ضلال أهل الأهواء والبدع ممن خرج عن جماعة المسلمين كما أفسدت الكثيرين ممن ينسبون إلى أهل السنة والجماعة ممن بدل وغير وزاد ونقص.

فرجالات السلفية بعد الصحابة والتابعين والأئمة المهتدين والخيار السابقين هم أهل الحديث وأئمة الرواية والرعاية والفقه والهداية والعلم والدراية ممن حفظ الله بهم هذا الدين من الزيغ والانحراف والضلال الذي وقع في الأمم السابقة.

وأصحاب الحديث تفانوا في صيانة السنة النبوية كما أنهم أدركوا أسرار السنة وذاقوا أنوار السنة واستضاؤوا بخيرات السنة النبوية ومن كان ذا صلة بهذه المصادر المعتمدة عند الأمة أيقن أنه على قدر إتقان المحدثين للسنة النبوية من حيث ضبط الروايات والتدقيق في الأسانيد واستعاب المرويات وإدراك العلل والوقوف على الشذوذ، فهم كذلك أهل إتقان للفقه والدراية والاجتهاد والفهم ومعرفة المقاصد واستيعاب الأصول فمن له معرفة بتراجم الأئمة وتعليقاتهم وحسن سردهم للروايات وشروحهم وتعليقاتهم حول كثب الحديث علم الفقه الغزير والفهم الدقيق عند علماء الحديث للسنة النبوية.

ومن رجالات السلفية الأفذاذ وعلمائها العظام ورجالاتها الكبار وهو إمام المتأخرين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رحمة واسعة.

ففي أواخر القرن السابع وأوائل القرن الثامن ظهر هذا الإمام الفذ بعد أن انتشرت البدع وغلا التصوف وجمد أصحاب المذاهب الفقهية على أصول مذاهبهم وأقوال شيوخهم وإن كانت على خلاف الأدلة الصحيحة والحجج الصريحة، وعم في الأمة التقليد وسادت فيها الخرافات والأساطير وغدت الأضرحة معابد للناس يعبدون فيها غير الله ويقصدون الخلق من الأحياء والأموات في ما لا يقدر عليه إلا الله، ويؤصل أهل البدع والأهواء لهذا الضلال المبين بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.

قام هذا الليث الضرغام بزئير هز أركان الباطل وزلزل أسس الأهواء والبدع فناظر فاحتج، وكتب فأبدع، وعَلم فأنار السبيل ونشر الحق بالحجة والبرهان وأوذي وسجن وطرد، وحوصر وافترى عليه أهل الأهواء الأكاذيب فثبته الله ثباتا عظيما ومات في السجن بعد عمر طيب زكي أقام فيه الحق بالحق للحق نحسبه والله حسيبه رحمة الله رحمة واسعة.

فهذا من رجالات السلفية العظماء المتأخرين ترك علما غزيرا وكتبا نافعة حاول أعداؤه اقبارها ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون كما كان لهذا الإمام تلاميذ مباركون وهم أئمة الحديث المتأخرون كالحافظ المزي وابن القيم والذهبي وابن عبد الهادي وابن كثير وجمهرة عظيمة من الأئمة الحفاظ الذين جدد الله بهم الدين ونصر بهم الحق المبين وقد أوذوا في الله الأذى الكثير والمحن العظمى فرفعهم الله إلى مناط النجوم وجوزي أعدائهم بأن نُسوا، وكفاهم سوءا أن لا يلتفت إليهم ولا يذكر لهم أمر ولا يعرف لهم قدر.

ومن رجالات السلفية الأفذاذ وعلمائها الكبار مجدد الأمة في هذه الأزمنة القريبة وهو الإمام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله فقد كتب في التوحيد مصنفات عظيمة بين فيها بطلان الشرك والشعوذة والخرافة والدجل وعبادة الأموات وتقديس الأضرحة والتعلق بغير الله وصرف العبادة التي لا تصلح إلا لله وحده لغير الله من الأموات والغائبين في ما لا يقدر عليه إلا الله، كما بين أن الاعتقاد في مخلوق في ما لا يقدر عليه إلا الله، هو شرك مخرج عن ملة الإسلام وبين أن لزوم السنة والعمل بالدليل وعدم الالتفات إلى أقوال الرجال هو من الأصول الثلاثة التي هي صرح الإسلام، فجدد الله به دعوة السلف وبين الله به الحق المبين فاغتاظ أهل الشرك وعباد القبور وأصحاب الطرق ومتعصبة المذاهب والمغرقون في مسائل الفلسفة وجدل أهل الكلام من دعوة الحق، فحاربوه حربا شعواء أرادوا إبطال هذا الحق البين والدين الساطع والتوحيد الحق بافتراءات وأكاذيب ودعاوى يرددها السابق ويكررها اللاحق لكنهم عجزوا عجزا كليا عن إبطال الأدلة ورد الحجج التي بينها في مسائل التوحيد والسنة.

وسلك مسلك هؤلاء الأئمة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.

وفي بلدنا هذا المغرب الأقصى نسأل الله أن يحفظه من الفتن ما ظهر منها وما بطن من دعاة الردة ومن أهل الانحلال ومن أباطيل علماء السوء وسائر بلاد المسلمين.

في هذا البلد ظهر في زمننا عالم عظيم وفقيه كبير وعبقري نادر وحكيم جامع وأستاذ نفع الله به هذا الجيل وهو شيخنا الدكتور محمد تقي الدين الهلالي الحسيني رحمه الله رحمة واسعة ورفع الله درجاته في الجنة، فهذا الإمام من رجالات السلفية العظماء ومن أئمتها الفقهاء، جادل أهل الباطل واحتج على أصحاب القبور وفند أقوال أرباب الزوايا ونصر السنة بالدليل وعلم التوحيد بالحجة فكان آية في هذا الزمان وحجة على الخلق في العديد من البلدان ولنا مع هذا الشيخ الجليل في المناسبة التي تليق بذكر محاسنه ومواقفه وخدمته للحق ونصرته للدين فسنذكر ترجمته وافية، لأنه رجل بُخس حقه وتأمر عليه أعداؤه وتخلى عليه الكثير ممن أحسن إليهم، فوجب بيان الحق لأنه من أعلام السلفية في هذه الأمة زمننا هذا، يَعرف قدره الأكابر من علماء هذا الزمان وتشهد كتبه وعلومه وتخصصاته وأشعاره ومعرفته باللغات القديمة والحديثة بعبقريته الفذه وإمامته العظيمة، جزى الله شيخنا الإمام عن التوحيد والسنة جزاء عظيما ورفع الله درجاته في الجنة وهو مثال يجب أن يحتذى، ونموذج قدوة لمن شاء أن يتأسى، وكل من لهم صلة بالسلفية في هذا البلد من قريب أو بعيد فهم عيال عليه، ولقد عايشناه وجالسناه وأحببناه وتعلمنا منه ووجدنا فيه الوالد والقدوة والأسوة والهمة العالية والعلم الغزير والفهم السليم والتاريخ الطيب والمواقف المشرفة وكان يلاطفنا ويضاحكنا بطريقة لا تنافي الهيبة وكان ذا حرمة وحشمة ومهابة رضي الله عنه وأرضاه وسنذكر في أوقات مناسبة ترجمة وافية عن هذا الإمام الهمام.

فهذا من رجالات السلفية العظماء في زمننا هذا فلم يكن قبوريا خرافيا ولا طرقيا مشعوذا ولا معطلا مضطربا ولا متمذهبا متناقضا ولا من علماء السوء الذين بدلوا وغيروا فودعناه رحمة الله وداع رجل شهم شريف كريم نحسبه والله حسيبه.

أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع.

وقد حق فيه ما كان يقول في أحد شيوخه “حلف الزمان لياتين بمثله حَنتت يمينك يا زمان فكفري”.السجدة 24الأنبياء 73القصص 5

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه ومن سلك مسلكه واقتفى أثره نسأل الله أن يجعلنا منهم بمنه وكرمه
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
حسبي الله نعم الوكيل
وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد

إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب

كتبه عبد الحميد أبو النعيم غفر الله له ولوالديه وللمسلمين يوم الأحد السادس من رجب عام ست وثلاثين وأربعمئة وألف بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الموافق 26 أبريل 2015م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *