الرئيسية / مقالات / سلسلة السلفية / السلفية 01 : مقدمة

السلفية 01 : مقدمة

في هذه الأجواء الصاخبة والأحوال المريبة التي تعيشها أمتنا الجريحة تتوالى عليها الضربات المتنوعة في الميادين السياسية والفكرية وغيرها قصد إدخال الأمة في نفق مظلم لا مخرج منه ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون .

ولقد أثار المستشرقون والمنصرون والعلمانيون العديد من الشبه قصد فتنة الأمة عن الصراط المستقيم فحاولوا جاهدين الهجوم على القرآن الكريم والسنة الصحيحة والمصادر العظيمة ورجالات الأمة وتاريخنا المجيد بالكذب والافتراء وإشاعة الفتن واصطناع الأباطيل يدعمهم الاستكبار العالمي بقوته الجبارة والشركات العملاقة المتعددة الجنسيات بالهبات المخيفة، وتحرسهم الكنيسة العالمية بما أوتيت من قوة خفية وتساندهم الصهيونية اليهودية بكل أنشطتها الموازية والجانبية كالماسونية ومنظماتها ”الروتاري” و ”الليونز” وكل المهرجانات الإباحية العالمية .

هذه الجيوش التخريبية في كل الدنيا تتعاون على الإثم والعدوان ومحاربة الحق الذي بعث الله به أنبياءه ورسله وأنزل به كتبه وزُبره بالبينات والهدى .

فقد قام هؤلاء السفهاء بالهجوم الكاسح على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالصور الكاريكاتورية وأفلام الفتنة وأحرقوا المصاحف في الساحات العالمية وأقاموا المظاهرات الصاخبة في مساندة الإساءات إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم باسم حرية التعبير والعولمة والحداثة والتخلص من تقديس كل أمر عتيق وأن نعيش عصور الانفتاح والتسيب .

ولقد تعَود هؤلاء السفهاء الذين لا دين لهم ولا خلق ولا يملكون قيما ولا مبادئ ولم يُرزقوا علما ولا معرفة وإنما يتقنون فن الكذب وأساليب التضليل وطرائق الالتواء، فتارة يهاجمون أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتارة ينتقدون الكتب المعتمدة ومرة يشككون في أئمة الإسناد وأخرى يثيرون الفتاوى الغريبة لتشكيك الناس مستعملين أساليب البتر والتحريف والتصحيف والاختلاق.

وهاهم اليوم يثيرون موضوع السلفية من زاوية عبثية لا للبحث العلمي ولا للدراسة الدقيقة ولكن قصد البلبلة وإثارة القلاقل وبغية فتنة العقول وتضليل الأجيال.

والسلفية هي فهم القرآن الكريم والسنة الصحيحة بطريقة أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان فهم أعلم الناس بالقرآن الكريم وبأسباب النزول وأعرف الناس بلغة العرب، وعاشوا أيام الخلفاء الراشدين حيث كانت أحكام الشريعة قائمة والقضاء القرآني واقعا يعيشه المسلمون وكانت لهم أذواق رفيعة في فهم بلاغة العرب مع ما أوتوا من الورع والتقوى والاستقامة والوقوف عند حدود الله فقد جمعوا كل خصال الخير التي تؤهلهم إلى أن يكونوا هداة مهتدين.التوبة 101الفتح 18الحديد 10الفتح 29الحشر 8-10

والآيات القرآنية في فضل الصحابة ومن تبعهم بإحسان ومن جاء بعدهم على طريقتهم المثلى ومنهجهم السليم كثيرة جدا.

أما الأحاديث النبوية الصحيحة في فضل أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وعلو كعبهم وأنهم أمَنَة لهذه الأمة وأنه لن يبلغ جيل ما بلغوه من الفضل والعلم والخير والبركة فالأحاديث في هذا الباب كثيرة جدا بل صنف العلماء مصنفات خاصة في أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام.

وإن العلم النافع والاجتهاد الصحيح والاستنباط الدقيق للشريعة هو ما كان عليه أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وكل من كان على سيرتهم ممن جاء بعدهم فهو على الصراط المستقيم.

ومذهب الصحابي في الفقه هو أصل من الأصول المعتمدة عند جماهير الفقهاء إذا لم يخالف نصا مرفوعا ولم يحصل اختلاف بين أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، ففقه الصحابة وعلم التابعين وفتاوى الأئمة المجتهدين واجتهاد العلماء الراسخين في الكتاب والسنة الصحيحة وآثار الصحابة والتابعين في جميع مجالات الفقه الشرعي سواء الفقه الأكبر الذي هو التوحيد أو سائر أنواع الفقه العملي في العبادات والمعاملات وغير ذلك فهذه هي السلفية.

فالسلفية منهج في الفهم مرتبط بما كان عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين والأئمة الهداة المهتدين ممن رزقهم الله العلم النافع الموروث عن النبي عليه الصلاة والسلام وجَنبهم الله البدع والأهواء والفتن وأقوال الرجال العارية عن الدليل والمذاهب المخالفة للحجج والبراهين فتمسكوا بالموروث الصحيح واجتنبوا البدع والضلالات.

فأهل الإسلام دينهم هو الإسلام الذي أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وعقيدتهم السنة والجماعة، ومنهجهم السلفية وهي فهم السلف الصالح للكتاب الكريم والسنة الصحيحة.

وقد ظهر في زمان الصحابة الشيعة والخوارج والقدرية والمرجئة فتبرأ الصحابة من هذه البدع والضلالات وتمسكوا بالأمر العتيق.

وظهر في زمن التابعين المعتزلة والجهمية وأرباب الكلام وأصحاب العقائد الفاسدة فذكر الأئمة أن هؤلاء اعتزلوا أهل السنة والجماعة فضلوا وأضلوا ثم تتابعت البدع والأهواء والفتن والأقوال الباطلة فتصدى لها الأئمة الهداة المهتدون وامتحنوا وأوذوا في الله الأذى الشديد فما بدلوا ولا غيروا.

ثم عمت الاباطيل والقبورية والحلولية والتعصب المذهبي المقيت فقام علماء السنة وأئمة التوحيد بالرد على هذه الاباطيل في كتب نافعة ومصنفات نادرة حفظها الله لتبقى حجة الله قائمة على الخلق.

وفي كل زمان ومكان تُطل البدع على اختلاف أشكالها وألوانها، فييسر الله الجهابدة الربانيين لإحقاق الحق وإبطال الباطل ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي عن بينة لأنها حكمة الله البالغة في أن يكون لله قائم بالحجة إلى أن تقوم الساعة.

وفي هذه الأزمان ظهرت العالمانية والحداثة واللبرالية والشيوعية وأفكار عديدة وآراء غريبة تغرسها العولمة في قلب الأمة لإيقاف نبضاته وخنق عروقه ليصبح الجسد حاضرا والروح غائبة، فقام علماء السلفية بالرد على هؤلاء المرتدين بالحق ومهاجمة المنصرين بالبينة وإبطال أقوال المفسدين بالحجة إحقاقا للحق وإزهاقا للباطل وأداء لرسالة العلم وأمانة التوحيد بالحق المبين.

فلما كانت الحجة عند علماء السلفية كالشمس في رابعة النهار وخنس الباطل ولم يجد جوابا، أراد أهل الباطل أن يشوشوا على السلفية وأصولها ومنهاجها حتى يبلبلوا العقول ويفسدوا الأفهام، فسلطوا من لا دين عنده ولا أمانة ولا خوف ولا ديانة ليقوموا بالخلط والخبط ولبس الحق بالباطل والتحريف والتبديل ليقدموا السلفية للناس منكوسة فيجعلوا السنة والبدعة سواء والسلفية والقبورية أمرا واحدا والحلال والحرام طريقا متداخلا وأن الولاء والبراء تشدد في الدين فاليهودي والنصراني والرافضي والخارجي والعالم والجاهل والصديق والزنديق كل هذا شيء واحد والأمر فيه السعة العظيمة والدين يسر كامل، فيخلطون خلط أهل الضلال من الأمم السابقة الذين لحقهم عذاب الله في الدنيا والآخرة لأنهم بدلوا عمدا وغيروا قصدا وكذبوا بغيا فسلك هؤلاء مسلكهم حذو القذة بالقذة.

إن السلفية واضحة بينة ومحجة ظاهرة ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

فالسلفية مناقضة للقبورية والطرقية والشعوذة والدجل والقول على الله بغير علم والابتداع في الدين بخلاف الحجة.

والسلفية مصادمة للتعصب المذهبي والتمسك بأقوال الرجال المخالفة للحجة والتقليد الأعمى لغير المعصوم صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يقدم على قوله إذا سلم من المعارض الشرعي المعتبر كمخالفة إجماع متيقن أو نصوص أقوى من حيث السند أو أن يكون النص منسوخا أو مقيدا أو مخصصا أو أن يكون واقِعة عين لا عموم لها أو كان جوابا عن سؤال أو دل على أنه خاص بالنبي عليه الصلاة والسلام أو ما إلى ذلك مما هو معتبر شرعا، فإذا سلم النص من المعارض الشرعي المعتبر وجب الانتهاء إليه والعمل به والتمسك بالدليل الشرعي المعتبر وأن لا يعارض بالقواعد والأصول التي لا تنهض لشيء من ذلك فضلا عن أن تقدم أقوال الأئمة والشيوخ والشراح على كلام النبي عليه الصلاة والسلام.

فالسنة النبوية الصحيحة حجة بذاتها، تُرد إليها أقوال الرجال ولا تُرد هي إلى أقوال الرجال، فالنبي عليه الصلاة والسلام يُستدل به، وغيره من الرجال مهما علا كعبهم وارتفعت درجاتهم ولو إلى مناط النجوم كالخلفاء الراشدين المهديين والعشرة المبشرين بالجنة وأهل بدر وغيرهم يستدل لهم لا بهم فكيف بمن جاء بعدهم ممن لم يبلغ درجتهم ولا يكاد.

ومن خالف السنة النبوية الصحيحة بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع فيخشى عليه الفتنة.النور 63النساء 80النساء 61-63النساء 65

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه ومن سلك مسلكه واقتفى أثره نسأل الله أن يجعلنا منهم بمنه وكرمه
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
حسبي الله نعم الوكيل
وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب

كتبه عبد الحميد أبو النعيم غفر الله له ولوالديه وللمسلمين يوم الأحد الثاني و العشرين من جمادى الآخرة عام ست وثلاثين وأربعمئة وألف بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الموافق 12أبريل 2015م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *